129

Sayidka Madaxweynaha

السيد الرئيس

Noocyada

ولم يدر ذو الوجه الملائكي أن يتوجه ببصره ... «معركة القردان مستمرة. من المتوقع أن يشن الألمان هجوما يائسا الليلة.»

وأزاح عينيه عن صفحة الأخبار الخارجية وأعاد قراءة الكلام المكتوب تحت صورة كميلة. ها قد أقحم الشخص الوحيد الذي أحبه في هذه المهزلة الشائهة التي يشتركون فيها جميعا، وتناول وكيل الوزارة الصحيفة منه. - إنك لا تكاد تصدق عينيك، آه، أيها الرجل المحظوظ!

وابتسم ذو الوجه الملائكي. - ولكنك في حاجة إلى تغيير ملابسك يا صديقي. خذ عربتي. - شكرا جزيلا يا جنرال. - انظر ... إنها هناك. قل للسائق أن يأخذك إلى منزلك بأسرع ما يمكن ثم عد إلى هنا مرة أخرى. مساء الخير ... وتهاني ... أوه، وبالمناسبة، خذ هذه الصحيفة لكي تراها زوجتك، وانقل لها التهاني من خادمك المطيع. - إنني ممتن لك على كل شيء، مساء الخير.

وسارت العربة وبها المحبوب، دون صوت كأنها سهم أسود يجره جوادان مجبولان من الدخان. وشكلت أغاني الجداجد سطحا فوق عزلة الحقول الفواحة بعبير الخزامى، وعزلة حقول الذرة التي بكرت في الظهور، والمراعي المخضلة بالندى، وسياج الحدائق المحملة بالياسمين.

وقال في سريرته: «أجل، إذا واصل الهزء مني فسوف أخنقه.» وأخفى وجهه في المقعد الخلفي خشية أن يقرأ السائق ما ارتسم في عينيه: كتلة لحم متجمد على صدر الوشاح الجمهوري، والوجه المفلطح جامد ساكن، واليدان تغطيهما الأردان حتى لا يبين منهما سوى الأصابع، والحذاء الجلدي مغطى بالدماء.

ولم تتفق حالته العدائية الجياشة مع هزات المركبة. كان يود لو كان جالسا ساكنا سكون القاتل الذي يستعيد جريمته في السجن، سكونا ظاهريا، خارجيا، يمثل تعويضا ضروريا عن الثورة الجياشة التي تعتمل في أفكاره. كانت دماؤه تغلي في عروقه. وأخرج وجهه من نافذة العربة في الليل البارد بينما كان ينظف ثيابه مما علق بها من قيء سيدة بمنديل بلله العرق والدموع. كان يسب ويلعن ويبكي من الغيظ ... «آه لو كان بإمكاني فحسب أن أنظف الضحكات التي أفرغها فوق روحي!»

ولحقت بهم عربة أخرى بداخلها ضابط، ثم سبقتهم على الطريق. وومضت السماء فوق لعبتها الشطرنجية الأبدية. وكانت الجياد تخب في وحشية تجاه المدينة في سحابة من الغبار. وقال ذو الوجه الملائكي لنفسه: «كش ملك!» إذ كان ينظر إلى سحابة الغبار التي يهرع في وسطها الضابط ليحضر للسيد الرئيس واحدة من محظياته. كان يبدو وكأنه رسول الآلهة.

وفي المحطة المركزية للسكك الحديدية، كان العمال يفرغون البضائع بضوضاء سريعة، وسط نخير القاطرات التي يتصاعد منها البخار. وكانت الطرقات يظللها وجود زنجي يطل من شرفة بيت عال خضراء، وخطوات السكارى المترنحة، ورجل غبي الهيئة يجر وراءه أرغنا هائل الحجم، كأنه مدفع يسحب بعد الهزيمة العسكرية.

الفصل الثالث والثلاثون

النقاط فوق الحروف

Bog aan la aqoon