301

مشكلا متوقفا على الوحي ، وقد كان الاحناف في الجزيرة العربية ومن جملتهم رجال البيت الهاشمي موحدين مؤمنين مع عدم نزول الوحي اليهم.

فيتعين الاحتمال الثاني وهو أن العلم التفصيلي بمضامين الكتاب وما فيه من الاصول والتعاليم ثم الايمان والاذعان بتلك التفاصيل كانا متوقفين على نزول الوحي ، ولولاه لما كان هناك علم بها ، ولا ايمان.

وبعبارة اخرى : إن العلم والإيمان بالامور السمعية التي لا سبيل للعقل إليها مثل المعارف والاحكام والقصص ومجادلات الانبياء مع المشركين والكفار ، وما نزل بساحة أعدائهم من إهلاك وتدمير ، لا يحصلان إلا من طريق الوحي حتى قصص الامم السالفة وحكاياتهم لتطرق الوضع والدس إلى كتب القصاصين ، والصحف السماوية النازلة قبل القرآن.

* * *

تفسير الآية بآية اخرى :

إن الرجوع إلى ما ورد في هذا المضمار من الآيات يوضح المراد من عدم درايته بالكتاب أولا ، والإيمان ثانيا.

أما الأول : فيقول سبحانه : « تلك من انباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين » (1) فالآية صريحة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن عالما بتفاصيل الأنباء ، وقد وقف عليها من جانب الوحي ، فعبر عن عدم وقوفه عليها في هذه الآية بقوله : « ما كنت تعلمها انت ولا قومك » وفي تلك الآية بقوله : « ما كنت تدري ما الكتاب » والفرق هو ان « الكتاب » أعم من « أنباء الغيب » والأول يشتمل على الانباء وغيرها ، وأما « الانباء » فانها مختصة بالقصص ، والكل مشتركان في عدم العلم بهما قبل الوحي والعلم بهما بعده.

Bogga 306