300

يكون شيئا قابلا للوحي حتى يكون موحى ، وروح القدس ليس موحى بل هو الموحي ( بالكسر ) فكيف يمكن أن يكون مفعولا ل « أوحينا » ، ولأجله يجب تأويل الروايات إن صحت اسنادها.

الثاني : إن هيئة « ما كنت » أو « ما كان » تستعمل في نفي الإمكان والشأن قال سبحانه : « وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله » (1) وقال عز اسمه : « ما كان المؤمنون لينفروا كافة » (2).

وعلى ضوء هذا الاصل يكون مفاد قوله « ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان » أنه لولا الوحي ما كان من شأنك أن تدري الكتاب ولا الإيمان ، فان وقفت عليهما فانما هو بفضل الوحي وكرامته.

الثالث : أن ظاهر الآية هو أن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان فاقدا للعلم بالكتاب ، والدراية بالكتاب ، وانما حصلت الدراية بهما في ظل الوحي وفضله فيجب إمعان النظر في الدراية التي كان النبي فاقدا لها قبل الوحي وصار واجدا لها بعده ، فما تلك الدراية وذاك العلم؟

فهل المراد هو العلم بنزول الكتاب إليه اجمالا والايمان بوجوده وتوحيده سبحانه ، أو المراد العلم بتفاصيل ما في الكتاب ، والاذعان بها كذلك؟

لا شك انه لا سبيل إلى الأول لأن علمه اجمالا بانه ينزل إليه الكتاب ، أو ايمانه بوجود الله سبحانه كانا حاصلين قبل نزول الوحي إليه ولم يكن العلم بهما مما يتوقف على الوحي ، فان الأحبار والرهبان كانوا واقفين على نبوته ورسالته ونزول الكتاب إليه في المستقبل إجمالا ، وقد سمع منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فترات مختلفة : أنه النبي الموعود في الكتب السماوية ، وانه خاتم الرسالات والشرائع ، فهل يصح أن يقال أن علمه صلى الله عليه وآله وسلم بنزول كتاب عليه إجمالا كان بعد بعثته وبعد نزول الوحي ، أو انه كان متقدما عليه وعلى بعثته ، ومثله الإيمان بالله سبحانه ، وتوحيده ، إذ لم يكن الإيمان بالله امرا

Bogga 305