279

غضب من الآلهة ، اطمأنوا إلى أنه لم يرتكب قبيحا ، وأنه عمل ما فيه رضى آلهتهم ، فاقدموا جميعا على هدم ما تبقى من الكعبة ، واتفق أن تحطمت سفينة قادمة من « مصر » في تجارة لرومي عند ميناء « جدة » بفعل الرياح والعواصف ، فعلمت بذلك قريش ، وأرسلت رجالا يبتاعون أخشابها ليستخدموها في بناء الكعبة المعظمة ، وأوكلوا أمر نجارتها إلى نجار قبطي محترف كان يقطن « مكة ».

ولما ارتفعت جدران الكعبة إلى قامة الرجل ، وآن الأوان لوضع الحجر الأسود في محله من الركن وقع الاختلاف بين زعماء قريش ، وتنازعوا في من يتولى وضع الحجر الاسود في مكانه.

وتحالفت قبيلة « بني عبد الدار » مع « بني عدي » على أن يمنعوا من أن ينال هذا الفخار غيرهم ، وعمدوا إلى اناء مملوء بالدم فوضعوا أيديهم فيه تاكيدا لذلك الميثاق.

من هنا تأخرت عملية البناء وتوقفت خمسة أيام بلياليها ، وكاد أن تنشب بينهم حرب دامية ، وربما طويلة ، فقد اجتمعت طوائف مختلف من قريش في المسجد الحرام وهي تنتظر حادثة خطيرة ، فعمد في الأخير شيخ من شيوخ قريش يدعى « أبو امية بن مغيرة المخزومي » من زعماء قريش وقال : يا معشر قريش ، إجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد (1) يقضي بينكم فيه » فقبلوا برايه اجمع ، فكان أول داخل عليه فتى قريش « محمد » صلى الله عليه وآله وسلم فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هلم الي ثوبا ، فأخذ الحجر ووضعه فيه ثم قال :

« لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعا »

ففعلوا حتى إذا بغوا به موضعه من الركن وضعه صلى الله عليه وآله وسلم هو بيده مكانه ، وبهذا حال دون وقوع حوادث دامية كادت أن تقع بسبب تنازع قريش ، واختلافها ، وحل الوفاق محل الشقاق بعد أن رضي الكل بحكمه.

Bogga 284