فاقترحت قريش على عبد المطلب بان يفدي « عبد الله » ، واظهروا استعدادهم لدفع الفدية إذا جاز ذلك ، فتحير « عبد المطلب » تجاه تلك المشاعر الساخنة ، والاعتراضات القوية ، وراح يفكر في عدم الوفاء بنذره ، ويفكر في نفس الوقت في الحصول على مخلص معقول من هذه المشكلة ، فقال له أحدهم : لا تفعل وانطلق إلى أحد كهنة العرب عسى أن يجد لك حلا.
فوافق « عبد المطلب » واكابر قريش على هذا الاقتراح ، وتوجهوا بأجمعهم نحو « يثرب » قاصدين ذلك الكاهن ، ولما قدموا عليه سألوه في ذلك فاستمهلهم يوما واحدا ، ولما كان اليوم الثاني دخلوا عليه فقال لهم : كم دية المرء عندكم؟ قالوا : عشر من الابل.
فقال : إرجعوا إلى بلادكم ، وقربوا عشرا من الإبل واضربوا عليها وعلى صاحبكم « أي عبد الله » القداح فان خرجت القرعة على صاحبكم فزيدوا عشرا ، حتى يرضى ربكم ، وإن خرجت على الإبل فانحروها فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم وكانت عنه فداء.
فهدأ اقتراح الكاهن لهيب المشاعر الملتهبة لدى الناس ، لأن نحر مئات الابل كان أسهل عليهم من أن يشاهدوا شابا مثل « عبد الله » يتشحط في دمه.
ولهذا فانهم فور عودتهم إلى « مكة » بادروا إلى اجراء القرعة في مجمع كبير من الناس وزادوا عشرا عشرا حتى إذا بلغ عدد الإبل مائة خرجت القداح على الإبل ، ونجا « عبد الله » من الذبح ، فأحدث ذلك فرحة كبيرة لدى الناس ، بيد أن « عبد المطلب » طلب أن تعاد عملية القرعة قائلا : « لا والله حتى أضرب ثلاثا » ، وأنما أراد ذلك ليستيقن ان ربه قد رضي عنه ، ولكن في كل مرة كانت القداح تخرج على الإبل المائة فنحرت الابل ثم تركت لا يمنع عنها انسان ولا سبع (1).
Bogga 158