التفاني في سبيل الوفاء بالعهد والنذر :
رغم ان العرب الجاهليين كانوا غارقين في الفساد الأخلاقي فانهم كانوا يتحلون ببعض الصفات الحسنة ، والخصال المحببة.
وللمثال كان نقض العهود من أقبح الافعال في نظرهم ، فاذا عقدوا عهودا مع القبائل العربية أو ثقوها بالأيمان ، المغلظة المؤكدة ، والتزموا بها إلى الاخير ، وربما نذروا النذور الثقيلة واجتهدوا في اداءها مهما كلف ذلك من مشقة وثمن.
ولقد أحس « عبد المطلب » عند حفر بئر زمزم بالضعف في قريش لقلة اولاده ، ولهذا نذر إذا رزقه الله تعالى عشرة بنين أن يقدم أحدهم قربانا للكعبة ولم يطلع احدا على نذره هذا.
ولم يمض زمان الا وبلغ عدد ابنائه عشرة ، وبذلك حان أوان وفائه بنذره الذي نذر ، وهو ان يذبح احدهم قربانا للكعبة.
ولا شك ان تصور مسألة كهذه فضلا عن تنفيذه كان امرا في غاية الصعوبة على عبد المطلب ، ولكنه كان في نفس الوقت يخشى ان يعجز عن تحقيق هذا الامر فيكون من الناقضين للعهد ، التاركين لاداء النذر ، ومن هنا قررأن يشاور ابناءه في هذا الامر ، وبعد ان يكسب رضاهم وموافقتهم يختار احدهم للذبح بالقرعة (1).
وتمت عملية القرعة ، فاصابت « عبد الله » والد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاخذ عبد المطلب بيد ابنه ، وتوجه من فوره إلى حيث يذبحه فيه.
ولما علمت قريش رجالها ونساؤها بقصة النذر المذكور وما آلت إليه عملية القرعة حزن الناس والشباب خاصة لذلك حزنا شديدا وبكوا وضجوا ، وقال أحدهم ليتني ذبحت مكان هذا الشاب.
Bogga 157