الظلام ، وبثت خيوطها الذهبية على الوهاد والسهول ، والتفت عبدة الشمس إلى معبودهم ، تظاهر ابراهيم بالاقرار بربوبيتها اتباعا لقواعد الجدل والمناظرة ولكن افول الشمس وغروبها اثبت هو الآخر بطلان عبادتها ايضا بعد أن اثبت خضوعها للنظام الكوني العام ، فتبرأ « الخليل » عليه السلام من عبادتها بصراحة.
وعندئذ أعرض عليه السلام عن تلك الطوائف الثلاث وقال : « إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما أنا من المشركين » (1).
لقد كان المخاطبين في كلام إبراهيم عليه السلام هم الذين يعتقدون بأن تدبير الكائنات الارضية ، ومنها الإنسان قد انيطت إلى الاجرام السماوية وفوضت اليها!!
وهذا الكلام يفيد أن الخليل عليه السلام لم يقصد المطالب الثلاث التالية :
1 اثبات الصانع ( الخالق ).
2 توحيد الذات وأنه واحد غير متعدد.
3 التوحيد في الخالقية ، وأنه لا خالق سواه.
بل كان تركيزه عليه السلام على التوحيد في « الربوبية » و « التدبير » وادارة الكون ، وانه لا مدبر ولا مربي للموجودات الأرضية إلا الله سبحانه وتعالى ، ومن هنا فانه عليه السلام فور إبطاله لربوبية الاجرام السماوية قال : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ... ) وهو يعني ان خالق السماوات والأرض هو نفسه مدبرها وربها ، وانه لم يفوض أي شيء من تدبير الكون ، لا كله ولا بعضه إلى الاجرام السماوية ، فتكون النتيجة : أن الخالق والمدبر واحد لا أن الخالق هو الله والمدبر شيء آخر.
ولقد وقع المفسرون ، والباحثون في معارف القرآن في خطأ ، والتباس عند التعرض لمنطق « إبراهيم » عليه السلام وشرح حواره هذا ، حيث تصوروا أن الخليل عليه السلام قصد نفي « الوهية » هذه الأجرام يعني الالوهية التي تعتقد بها
Bogga 126