٩٧- والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها: فمخالطة الناس، ورؤية المستحسنات، والتعرض بالملذوذات، يقوي حوادث الحس.
والعزلة والفكر، والنظر في العلم، يقوي حوادث الآخرة.
ويبين هذا: بأن الإنسان إذا خرج يمشي في الأسواق، ويبصر زينة الدنيا، ثم دخل إلى المقابر، فتفكر، ورق قلبه، فإنه يحس بين الحالتين فرقًا بينًا، وسبب ذلك التعرض بأسباب الحوادث.
٩٨- فعليك بالعزلة، والذكر، والنظر في العلم، فإن العزلة حمية، والفكر والعلم أدوية، والدواء مع التخليط لا ينفع، وقد تمكنت منك أخلاط! المخالطة للخلق والتخليط٢ في الأفعال، فليس لك دواء إلا ما وصفت لك.
فأما إذا خالطت الخلق، وتعرضت للشهوات، ثم رمت٣ صلاح القلب، رمت الممتنع.
_________
١ أخلاط: أدواء وأمراض.
٢ التخليط: فعل الحسن والقبيح، وعدم التمييز بينهما.
٣ رمت: قصدت.
٢٣- فصل: النفس لا تصبر على الحصر ٩٩- تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع. ورأيت في السرب١ الأول: أن آدم ﵇ لما نهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها. وفي الأمثال: المرء حريص على ما منع، وتوافق إلى ما لم ينل، ويقال: لو أمر الناس بالجوع، لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر؛ لرغبوا فيه، وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشيء. وقد قيل: ......................أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا _________ ١ السرب: يقصد المؤلف به القرن أو الجيل من الناس.
٢٣- فصل: النفس لا تصبر على الحصر ٩٩- تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع. ورأيت في السرب١ الأول: أن آدم ﵇ لما نهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها. وفي الأمثال: المرء حريص على ما منع، وتوافق إلى ما لم ينل، ويقال: لو أمر الناس بالجوع، لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر؛ لرغبوا فيه، وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشيء. وقد قيل: ......................أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا _________ ١ السرب: يقصد المؤلف به القرن أو الجيل من الناس.
1 / 54