٥١- ومما ينبغي للعاقل أن يترصده وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين١ قال: عيرت رجلًا فقلت: يا مفلس! فأفلست بعد أربعين سنةً.
وقال ابن الجلاء٢: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد! فقال: ما هذا؟! لتجدن غبها، فَنُسِّيتُ القرآن بعد أربعين سنة.
٥٢- وبالضد من هذا، كل من عمل خيرًا، أو صحح نية، فلينتظر جزاءها الحسن، وإن امتدت المدة، قال الله ﷿: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ "يوسف: ٩٠".
وقال ﵊: "من غض بصره عن محاسن امرأة، أثابه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه" ٣ فليعلم العاقل أن ميزان العدل لا يحابي.
_________
١ محمد بن سيرين البصري، أبو بكر، إمام وقته في علوم الدين، تابعي، مولده ووفاته بالبصرة "٣٣-١١٠" هـ اشتهر بالورع وتعبير الرؤيا.
٢ أبو عبد الله ابن الجلاء، أحمد بن يحيى، وقيل: محمد بن يحيى، من كبار الصوفية، انتقل عن بغداد إلى الشام، توفي سنة "٣٠٦هـ". قلت: وقد وقع في الأصل: ابن الجلاد، وهو خطأ.
٣ رواه أحمد "٥/ ٢٦٤" والطبراني في الكبير "٧٨٤٢" عن أبي أمامة، والطبراني "١٠٣٦٢" عن ابن مسعود، والحاكم "٤/ ٣١٣" والقضاعي "٢٩٢" عن حذيفة "ضعيف جدًا".
١٩- فصل: أكثر أحوال الصوفية منحرف عن الشريعة ٥٣- تأملت أحوال الصوفية والزهاد، فرأيت أكثرها منحرفًا عن الشريعة، بين جهل بالشرع، وابتداع بالرأي، يستدلون بآيات لا يفهمون معناها، وبأحاديث لها أسباب، وجمهورها لا يثبت. فمن ذلك أنهم سمعوا في القرآن العزيز: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ " آل عمران: ١٨٥"، ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ﴾ "الحديد: ٢٠"، ثم سمعوا في الحديث: "للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها"١، فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها! وذلك أنه ما لم يعرف حقيقة الشي، فلا يجوز أن يمدح ولا أن يذم. _________ ١ رواه مسلم "٢٩٥٧" عن جابر ﵁.
١٩- فصل: أكثر أحوال الصوفية منحرف عن الشريعة ٥٣- تأملت أحوال الصوفية والزهاد، فرأيت أكثرها منحرفًا عن الشريعة، بين جهل بالشرع، وابتداع بالرأي، يستدلون بآيات لا يفهمون معناها، وبأحاديث لها أسباب، وجمهورها لا يثبت. فمن ذلك أنهم سمعوا في القرآن العزيز: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ " آل عمران: ١٨٥"، ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ﴾ "الحديد: ٢٠"، ثم سمعوا في الحديث: "للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها"١، فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها! وذلك أنه ما لم يعرف حقيقة الشي، فلا يجوز أن يمدح ولا أن يذم. _________ ١ رواه مسلم "٢٩٥٧" عن جابر ﵁.
1 / 39