وقد قال ابن حبان في كتاب (المجروحين) (١) حفص بن سليمان الأسدي القاري أبو عمر البزاز، وهو الذي يقال له حفص بن أبي داود الكوفي، وكان من أهل الكوفة، سكن بغداد يروي عن علقمة بن مرثد وكثير بن شظير، روى عنه هشام بن عمار ومحمد بن بكار كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، وكان يأخذ كتب الناس فينسخها ويرويها من غير سماع.
سمعت محمد بن محمود يقول: سمعت الدارمي يقول: سألت يحيى بن معين عن حفص بن سليمان الأسدي فقال: ليس بثقة، هكذا ذكر.
وذكر ابن حبان: (حفص بن سليمان في كتاب الضعفاء وقال: إنه هو الذي يقال له حفص بن أبي داود) وهذا الذي قاله صحيح لا شك فيه، وهو الذي قاله غيره من الأئمة الحفاظ، فإن صح عنه مع هذا أنه ذكر حفص بن أبي داود في كتاب الثقات، فقد تناقض تناقضًا بينًا وأخطأ خطًا ظاهرًا؛ ووهم وهمًا فاحشًا، وقد وقع له مثل هذا التناقض والوهم في مواضع كثيرة.
وقد ذكر الشيخ أبو عمر بن الصلاح أنه غلط الغلط الفاحش في تصرفه، ولو أخذنا في ذكر ما أخطأ فيه وتناقض من ذكره الرجل الواحد في طبقتين متوهمًا كونه رجلين، وجمعه بين ذكر الرجل في الكتابين، كتاب الثقات وكتاب المجروحين ونحو ذلك من الوهم والإيهام لطال الخطاب.
وليس ببدع من هذا الرجل المعترض على شيخ الإسلام المتبع لهواه أن يأخذ يقول أخطأ فيه قائله، ولم يوافق عليه، ويدع قولًا أصاب قائله وتويع عليه والله الموفق.
وقال أبو القاسم الطبراني (٢): حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حفص بن أبي داود، عن ليس، عن مجاهد، عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال: «من حج فزار قبري بعد وفاتي كمن زارني في حياتي» .
وقال أبو الحسن الدارقطني (٣): حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا أبو الربيع، حدثنا حفص بن أبي داود، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: قال رسول الله: «من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي» رواه أبو يعلي الموصلي عن أبي الربيع.
_________
(١) تقدم ص ٦٣ حاشية (٦) .
(٢) انظر المعجم الكبير للطبراني ١٢/٤٠٦ حديث رقم ١٣٤٩٧.
(٣) انظر سنن الدارقطني ٢/٢٧٨ حديث رقم ١٩٢.
1 / 69