وصمتا برهة. وجعلت ليدا تنظر إليه شزرا ووجهها أحمر كالنار، فامتقع سارودين كأنما انسدل على وجهه نقاب أصفر، ثم صرخت به صرخة المتشنج حتى لأفزعها صوتها: «ما لك صامتا؟ لماذا لا تنطق؟ تكلم قل شيئا تعزيني به!»
أجاب: «أنا ...» وارتجفت شفته السفلى.
فصرخت مرة أخرى ودموع الحنق واليأس تكاد تخنقها: «نعم أنت، ولا أحد سواك!»
وسقط عنه كما سقط عنها نقاب الأدب والمجاملة وظهر الوحش الشارد الجامح في عيونهما كليهما.
وطافت برأس سارودين خواطر كالجرذان والفيران ... وخطر له أولا أن ينقدها مالا وأن يقنعها بالتخلص من الجنين، ورأى أن لا بد له من بت كل صلة بها ، وبذلك ينتهي الأمر، غير أنه لم يقل شيئا، وإن كان يرى أن هذه خير وسيلة وتمتم: «لم يخطر لي قط ...»
فصرخت ليدا كالمجنونة: «لم يخطر لك قط! لماذا لم يخطر لك؟ بأي حق لم تفكر؟»
فقال والألفاظ تتعثر: «ولكني يا ليدا لم أقل لك أبدا إني ...»
وخاف أن يتم ما يريد فأمسك، وفهمت ليدا مراده دون أن يصارحها به، فاسود وجهها ومسخه الاستقطاع واليأس وسقط ذراعاها إلى جانبيها وهوت إلى السرير، وقالت وكأنها تفكر بصوت عال: «ماذا أصنع؟ أأغرق نفسي؟»
أجاب: «لا! لا! لا تقولي هذا!»
فرمته ليدا بنظرة قاسية وقالت: «هل تدري يا فيكتور سرجيفتش؟ أني واثقة أن هذا لا يحزنك أبدا.» وكان في عينيها وعلى فمها الجميل المرتجف من الحزن والأسى ما جعل سارودين يدير وجهه عنها.
Bog aan la aqoon