137

فجاءت قحة هذه الألفاظ ونظرة الحقد التي لا تلائم ليدا اللينة السمحة، صدمة لسارودين تراجع لها ولم يكد يفهم مدلولها وحاول أن يمزح ويضيع أثرها بالفكاهة، وقال وهو مستغرب مغيظ: «أي ألفاظ هذه؟»

فردت ليدا بمرارة وخبطت كفا بكف: «لست في حالة تسمح لي بانتقاء الألفاظ.»

فقطب سارودين وسألها: «لماذا كل هذه السمات الحزينة؟»

واستهواه وهو لا يشعر جمال شكلها، فجعل ينظر إلى كتفيها الرقيقتين وذراعيها البديعتي التكوين، وأشعرته إيماءات اليأس والضعف الثقة بقوته، فكأنما هما في كفتي ميزان إذا شالت إحداهما رجحت الأخرى، ووجد سارودين لذة قاسية لعلمه أن هذه الفتاة التي كان يعدها أسمى منه قد صارت معذبة من أجله، وكان في العهد الأول من علاقتهما يخافها، فسره الآن أنها هوت إلى حضيض العار.

فلان لها وتناول في رفق يديها الضعيفتين وجذبها إليه وتنبهت مشاعره وصار نفسه سريعا وقال: «لا تراعي، سينصلح الأمر فما فيه شيء فظيع بعد كل ما يقال.»

فأجابته باحتقار: «أوتظن ذلك؟» وساعدها الاحتقار على أن تثوب إليها نفسها وقوتها فحدجته بنظرة غريبة العنف.

فقال سارودين وهو يحاول أن يضمها إليه ضمة يعلم أن لها سحرا: «نعم بلا شك أظن ذلك.»

غير أنها ظلت باردة جامدة، فقال بلهجة العاتب المترفق: «تعالي تعالي. ما بالك نافرة يا حبيبتي.»

فصاحت به ليدا وهي تدفعه عنها: «دعني! أقول لك دعني!»

فتألم سارودين وحز في نفسه أن عواطفه هاجت عبثا وحدث نفسه «إن المرأة هي الشيطان بعينه» وسألها وقد حرج صدره واحمر وجهه: «ما خطبك؟»

Bog aan la aqoon