215

Safwat Casr

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Noocyada

وإنا لنرى حياة جديدة ونزوعا إلى العمل والتقدم في سبيل السعادة، وليس في مظاهر هذه الحياة الجديدة أجمل من هذا المشروع الجديد الذي يقوم به هذا النابغة المصري المتوقد الغيرة والذكاء، فإن مصر محتاجة إلى الشؤون المالية، والمال أساس لبناء العلم والحضارة في كل أمة من الأمم، وكل قطر من الأقطار، ولا ريب في أن المصرف المالي الوطني الذي يقوم بمشروعه هذا النابغة سيكون ينبوعا للثروة لا ينفد ولا يغيض وبه تقوى آمالنا في بلادنا، وبما ينبعث منه من القوة والنظام تعرف مصر كيف تؤسس الشركات للتجارة والصناعة والفنون والعلوم وغيرها من أسباب الإصلاح والفلاح، وتعرف كيف تستفيد بخصوبة أرضها وذكاء أبنائها، فمشروع سعادة قليني فهمي باشا من أجل المشروعات التي تدعو كبراءنا وأهل الجد في بلادنا إلى الاشتراك فيها؛ ليشتركوا مع سعادته في الفخر الخالد والمجد الثابت الأركان.

أما عن مبادئه وخطته في عهد نيابته بالجمعية التشريعية، فإن سعادته يذهب إلى وجوب العمل المطمئن الهادي والتفاهم المبني على حسن الثقة، فالتشريع لا يكون بالمخاصمة والتحمس والمنابذة، ويرى أن حسن التفاهم بين الأمة والحكومة سيأتي بالفائدة العامة للبلاد وأهليها؛ لأننا إذا ظننا بالحكومة سوءا واعتقدت فينا سوء النية ظللنا متنافرين كل يعمل على معاكسة الآخر، ولا يخفى ما في ذلك من الضرر الذي يعود على الأمة، ونحن نقول: إن سعادته ممن يهمهم أن يخرجوا من المسائل التشريعية بنتيجة تجر إلى المنفعة والربح للأمة.

أما قليني فهمي باشا فإنا لا نستطيع أن نوفيه ما هو أهله من شكر أياديه البيضاء، والصحيفة أضيق من أن تسع ما نود ذكره من أعماله السالفة وكلها عظيم باهر ناطق بفضله ونبوغه، فلنا العذر إذا اكتفينا بثناء أعماله عليه وشكر الأمة إياه .

صفاته وأخلاقه

هذا هو الرجل من حيث تربيته ونشأته، أما من حيث أخلاقه وأطواره فهو لين العريكة رقيق الفؤاد جدا تنال منه بلطف الكلام ما لا تنال من الأعداء بالسيوف والسهام، طلق اللسان عذب اللفظ حاضر البديهة، قوي الحجة هادئ البال، طيب النفس غير أنه إذا ما تكبر عليه أحد يأنف من الضيم، ويكره المعارضة إن لم تكن مع التواضع والأدب بالحق، لا يتحيز لدين من الأديان حسن التصرف في الأمور ذو رأي سديد وعزيمة ماضية، قلما قصد أمرا وخاب فيه، بعيد النظر طويل الأناة، يدبر رأيه إذا أراد نيل بغية في نفسه، وهكذا تكون الرجال.

ترجمة حياة فقيد الشهامة والشبيبة والمروءة والإحسان المغفور له عمر سلطان باشا

قف بالديار وجد بالدمع منتحبا

واندب شبابا بظفر الموت قد خلبا

وابك الذي لو ظللت الدهر تندبه

لما وفيت له بعض الذي وجبا

Bog aan la aqoon