224

Hogaamiyeyaasha Kacaanka Casriga ah

رواد النهضة الحديثة

Noocyada

وإن له أن يصر على ما اكتسبه من المال، ويخفيه عنها كخفائها عن الرجال، فلا ينص لها منه، إلا ما لا محيد عنه، وهو قوت من لا يموت، ولباس من لم يودع بعد في الأرماس، وهو على نفس أكرم الناس. فإن قالت له: إن فلانة ذات حلى، وإني ذات عطل، وما لي غير هذا الثوب من بدل، قام على منبر الوعظ والإنذار، وقال لها: إن المرأة الصالحة تكتفي بالإدام والأطمار، وقد طالما عهدتك من الصالحات، فكيف صرت من المسرفات الطالحات. قال الله تعالى ... قال النبي

صلى الله عليه وسلم ... قال زيد ... قال عمرو ... أنبأنا ... حدثنا ... فيسكنها ويخجلها، وعلى كيده يحملها، إذ هي تعلم أن الشرع الشريف لم يحرم على النساء الزينة، وإنما هو سفاهة من الرجل وسوء كينه. وأقبح من ذلك إذا كان الرجل يحرمها على عرسه ويستحلها لنفسه، وما ذلك إلا لأن الذكر خير من الأنثى، وأفضل منها قنسا، وأكرم جنثا.

ثم إذا قالت له: إن جارتي تخرج إلى المنازه، وبين حالتي وحالتها مشابه، فدعني أخرج معها، وأرتع مرتعها، وأجري مجراها، وأسري مسراها، قال لها: إن شأن الحرة أن تكون ملازمة للزوايا، مداومة على الخبايا، لا تتفرج، ولا تتبرج، ولا تتلوج، ولا تتلعج، ولا تفكر في منتديات النساء، ولا تصبو إلى الكساء. وكل أنثى خرجت من دارها، فقد باءت بأوزارها، وترجمت عن شنارها، ثم اندفع يقول: قال الله ... قال الرسول ... وما ذلك إلا لأن الذكر خير من الأنثى، وأفضل منها قنسا، وأكرم جنثا.

وإذا قالت له تلاطفه، إذ ترى الهم يواكفه، والغم يرادفه، وهو ينفخ متضجرا، ويتلهف متوغرا: ما لي أراك اليوم مهتما، فكدت تذوب أسى وغما، فلا تجيد خطابا ولا تحير جوابا، ولا تهتم بما أهمنا من عوز الطعام، وفقد الائتدام، بله اللباس الفاخر، والحلى والجواهر، فقد أنسانيها عدم القوت، وما بعد ذلك إلا الأجل الموقوت. قال لها: كأنك تنبشين أسراري حتى تبعثريها، وتنبشين أطواري حتى تغوريها، فهل يوم ربقني الاحتياج في ربقة هذا الزواج، اشترطت علي أن أبثك مكتومي، فضلا عن أن أطعمك مأدومي؟ فهلا تنتهين عن هذا اللجاج والخصام المؤدي إلى الثجاج واللكام؛ وما ذلك إلا لأن الذكر خير من الأنثى، وأفضل منها قنسا، وأكرم جنثا .

وهكذا يعيش الرجل والمرأة كالضدين المتعاندين، والقرنين المتناكدين، فيبيت كل منهما والاحتيال شاغله، والاغتيال شاعله، إلى أن يصلح بينهما الطلاق، ونعم المصلح الفراق.

ولكي يبدو لك جليا أثر هذا الأسلوب اقرأ الكثيرين من الكتاب بعده، بل اقرأ بعضا من مقال للدكتور شبلي الشميل نشر في هذا الكتاب. إن مثل هذه الفصول هي التي وجهت كتاب النهضة فيجب أن يذكر صاحبها مع الجاحظ وغيره، وإذا قال واضعو المنهاج اللبناني: إن في كتب أبي النهضة أحماضا، قلنا لهم: وعند الجاحظ وأبي نواس وابن الرومي ما يستحى من ذكره. أفلأجل هذا صار الشدياق لا يستحق الذكر!

قيل: محبة الآباء تتصل مع البنين. ولعل الآية معكوسة عند من يستشارون «سرا» حين تعديل المنهاج، فيطبخونه لنا على نار حسدهم، وبغضهم الموروث، فيجيء مأدوما بما استسمنوه من ذوي الورم. (2) بطرس البستاني وولده

يقول المثل: عاشر القوم أربعين «يوم» فإما أن تصير منهم، أو ترحل عنهم. وأستاذ الجميع المعلم بطرس البستاني عاشر العلماء الأميركان زمنا فصار منهم. وحسب النهضة من هذا المصير أنها غنمت ما غنمت من تآليف علمية ولغوية، ومدرسة وطنية، ومجلات ثقافية، ودائرة معارف، إن لم تكن كالدائرة الإنكليزية فحسبها أنها أول موسوعة عربية، ومحيط المحيط الذي ضم تعريفات حديثة لم تكن في المعاجم القديمة.

يذكرني أسلوب المعلم بطرس بتراجمة العصر العباسي الذين أغنوا النهضة الأولى علما ومعرفة. ليس للمعلم بطرس بلاغة الكتاب الكبار، ولا إبداعهم، ولا صحة عباراتهم ... فهو مترجم وناقل، وقد أصاب فيما فعل، لأن البلاغة، وإن كانت تنقصنا في ذلك العصر، فقد كنا أحوج إلى الفنون الحديثة وعلوم العصر الجديدة؛ فالرواد الأول لم يترجموا إلى العربية إلا ما احتاجوا إليه من الكتب لخدمة الدين. فمن يقرأ آثار المعلم بطرس، جرائده ومجلاته، وتآليفه يجد أن هذا الرجل العظيم القدر، الفذ الهمة، كان يهمه أن ينقل إلى لسان العرب ما ينفع ويفيد، وأن يجدد طريقة التصنيف. وحبه التسهيل في كل ميدان حمله على الكتابة بالأسلوب الذي اعتمده التراجمة النصارى، في عهد هارون والمأمون وغيرهما ، وها أنا أجول وإياك في «جنانه» دون كتبه الأخرى التي يعرفها كل قارئ، فشعار الجنان: حب الوطن من الإيمان، ولعل هذا كان من أسباب تمسك المعلم بزيه اللبناني، فهو وطني صميم، وفرد قام بأعمال تعجز عنها الجماعات، وإن لم نبالغ قلنا كما قالت فيه المقتطف: «وإذا أعملنا النظر في الأعمال التي اصطنعها لوازنت أعماله أو فاقت أعمال ثلاثة رجال من فضلاء الناس بعيدي الهمة، ماضي العزيمة، غزيري العلم والمعارف.»

2

Bog aan la aqoon