Ruuxa Weyn ee Mahatma Gandhi
روح عظيم المهاتما غاندي
Noocyada
فعلموا أن رضاهم شيء يؤبه له، أو شيء له ثمن يؤديه القوي المسيطر عليهم، وهو راض أو كاره.
وفي هذه الآونة عاد غاندي إلى بلاده، فلا جرم يحسبونه قد هبط عليهم من السماء في ساعة الضيق وساعة الرجاء.
ولم ينغمس غاندي بادئ الأمر في لجة السياسة الهندية التي كانت تضطرب بالخصومات الحزبية والطائفية في تلك الآونة، لعله أخذ في ذلك بوصية الزعيم جوكهيل
Gokhale
الذي نصح له بمراقبة الحالة سنة كاملة ريثما يستجمع فكره على رأي يستخلصه من تجاربه ومشاهداته، أو لعله آثر بطبعه إصلاح الأخلاق وتقويم المجتمع ومساعدة العمال والزراع على طريقته التي جرى عليها في أفريقية الجنوبية. فسعى في إنصاف العمال والزراع بالحسنى أو بالمقاومة السلبية، وطفق يجول في الريف ويتنقل على قدميه من قرية إلى قرية؛ ليرفع من شأن الطبقة الفقيرة في القرى بما استطاع. وبدأ منذ هذه الرحلات القصيرة في مقاطعة الآلة الحديثة كلما أمكنه أن يقاطعها، فلم يركب السيارة ولا القطار، إلا حيث كان الركوب ألزم للرحلة من المسير على الأقدام.
ولم يلبث أن طارت شهرته بالقداسة، بل بالكرامة والخارقة المعجزة، فأخذ الناس من ثم يروون عنه الخوارق التي كان هو أول المكذبين لها، ومن تلك الآونة تعود القديس أن يرى في طريقه أمهات يلمسنه بأطفالهن الصغار طلبا للبركة والهداية، وعجائز ضريرات يعز عليهن أن يعبرن طريقهن دون أن يعرج عليهن، فيترصدن في مجاز السيارة ليلمسنها ولو على خطر الموت، إن فاتهن أن يسعدن بمصافحة القديس العابر في الطريق، وتعاظمت هذه الشهرة في الاستفاضة والرسوخ حتى جاء يوم من الأيام، بعد فترة من الزمن، آمن فيه عامة أهل الهند بأن الزلزال الذي أصاب «بيهار» إنما كان عقوبة إلهية أرسلها الله على القوم؛ لأنهم لم يستمعوا إلى عظات غاندي في معاملة المنبوذين.
ولم يكن هذا إيمان العامة وحدهم، بل كان من راجات الهند وخاصتها من يرفع صورة غاندي في قصره تيمنا بقداسته، وإن خرج بذلك على مقتضى التقية في مسلك الأمراء والعظماء.
كانت هذه الشهرة المقدسة تتجمع حول غاندي يوم جذبته السياسة إليها جذبا على غير اختياره.
وكان أهل الهند يومئذ في سياستهم الوطنية على مذاهب شتى: فريق يجنح إلى الثورة الدموية، وفريق يجنح إلى التعاون مع الإنجليز تمهيدا لبلوغ المزيد من الحقوق الدستورية، أو حقوق الحكومة الذاتية، وفريق يجنح إلى عدم التعاون استعجالا لبلوغ هذه الغاية.
وليس في هذه الأحزاب كلها حزب يحجم عن عمل من أعمال العنف، أو أعمال الغيلة والفتك، إذا أحرجته الضرورة إليه.
Bog aan la aqoon