وذهب الاثنان إلى الفندق الذي يقيم فيه روكامبول، وذلك لأنه خطر لفانتير أن يسرق جميع ما يجده لدى روكامبول بعد أن علم بقتله، ولما خرجا من هذا الفندق شاهدتهما مدام فيبار وعلى وجهيهما علائم السرور، فأيقنت أن فانتير قتل الكونت أرتوف، وأخبرت روكامبول بما تقدم، وبعد هنيهة وصلا إلى الكونت أرتوف فأمرهما أن يختطفا الفتاة اليهودية من منزل العجوز، ففعلا وعادا بها إلى باكارا، وفي اليوم التالي ذهبوا جميعهم إلى باخرة الربان ما عدا فانتير، فإنه أخذ الأموال التي منحه إياها الكونت وسافر بها إلى لندرا.
63
لقد تركنا أرمان وروكامبول يتلاحمان على ضوء المشاعل التي كان ينيرها الخدم، وكان روكامبول معتمدا في مبارزته على الضربة الإيطالية التي تعلمها وهو واثق من التغلب على الكونت، فكان يقاتله بسكينة وبرود خلافا للكونت، فإنه كان هائجا أشد الهياج، فلما ضاق ذرع روكامبول ورأى أن خصمه خبير بفنون القتال، وأنه يوشك أن يتغلب عليه، عمد إلى الضربة الإيطالية إلا أنه ما لبث أن بدأ بمقدماتها حتى علم الكونت قصده وصاح به: خسئت أيها الغادر، فإني تعلمت هذه الطعنة قبلك. ثم انقض عليه انقضاض الصاعقة وضربه ضربة شديدة وقعت في أعلى صدره، فصاح روكامبول صيحة ألم وسقط على الأرض.
وعند ذلك رمى أرمان سيفه إلى الأرض وسكن ثائر غضبه، فأسرع إلى خصمه فضمد له جرحه وأمر الخدم أن يحملوه إلى غرفة في فناء القصر، ثم أمر أحدهم أن يسرع بإحضار الطبيب وكأنه قد نسي جميع ما كان من خصمه، فجلس بإزاء سريره يعتني به ويعامله معاملة الصديق الرءوف.
ولما حضر الطبيب كان روكامبول مغميا عليه لفرط ما نزف من دمائه، فاستفاق من إغمائه وسمع الكونت يسأل الطبيب: ألعل الجرح خطير؟ - إنه شديد الخطورة يا سيدي، قد يفضي إلى الموت.
ورأى الكونت أن روكامبول قد فتح عينيه، فأشار للطبيب بالصمت.
ودنا الطبيب وجس نبض روكامبول ثم أشار لأرمان أن يتبعه، فتبعه إلى نهاية الغرفة وجعل يحادثة بشأن الجريح.
أما روكامبول فإنه اضطرب اضطرابا شديدا من الموت، وذكر أن أندريا كان السبب في جميع ما أصابه من الشدائد، وما يلقاه الآن من خطر الموت، فحقد عليه وقال في نفسه: لا بد لي من الانتقام من هذا الرجل الذي لم يقتلني غير مبالغتي بالاعتماد عليه، فكان يتنازعه عاملان وهما الخوف من الموت وكره أندريا الذي جرعه هذا الكأس.
وفيما هو على هذه الحالة من الاضطراب، دنا الكونت من سريره وقد فرغ من محادثة الطبيب وقال له: كيف أنت الآن؟
فأجابه روكامبول: أود يا سيدي الكونت أن أخلو بك ساعة فأبوح لك بسر خطير لا أحب أن ينزل معي إلى القبر.
Bog aan la aqoon