311

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Noocyada

وكان شاروبيم يرجو أن تنهضه بعد هذا الاعتراف، غير أنها سمعت حديثه إلى النهاية دون أن تخونها عواطفها، وهي تجد منه أشد الوجد، غير أن الله الذي يصون الطاهرات أرسل إليها روحه الأمين، فصانها من مواقف الزلل، فنهض شاروبيم وانحنى مسلما، ثم خرج يمشي بطيئا إلى أن توارى عنها؛ فتنهد تنهد من سلم من خطر شديد، وسرت لتصاممها عن صوت قلبها وانصرافها إلى سماع صوت الواجب الشريف، ولبثت جديرة بأن تحمل اسم زوجها. أما الأرملة فإنها لم يفتها حرف من ذلك الحديث، ولكنها كانت متظاهرة بالنوم.

ولنعد الآن إلى باكارا؛ فإنها بينما كان شاروبيم يحاول إغواء المركيزة، كانت باكارا في منزل صديقها الكونت الروسي، وقد أرسلت إليه خادمتها الفتاة اليهودية، فلما وصلت استأذنت من الكونت وخلت مع الفتاة فأنامتها النوم المغنطيسي، ثم أدارت وجهها إلى جهة منزل شاروبيم وقالت للنائمة: أريد أن أعرف ما يفعل هذا الرجل الآن.

ثم خرجت بها بعد أن أيقظتها إلى حيث كان ينتظرها الكونت، فقالت له: إني عائدة الآن إلى المنزل لأن شاروبيم سيزورني، فعد إلي في الغد.

فانذهل الكونت وقال: كيف عرفت أنه يزورك؟ - سيزورني بعد ساعة. ثم قالت له باسمة: لقد عرفت ذلك؛ لأني أشتغل بالكهانة والسحر.

36

ولما وصلت باكارا إلى منزلها وجدت به رسالة من شاروبيم يخبرها فيها أنه سيزورها بعد ساعة ويذكرها بالرهان، فلما اطلعت عليها زادت ثقتها بالتنويم المغنطيسي، وعلمت أن اليهودية تصدق حين تنويمها بأكثر ما تقول، فنومتها أيضا وعلمت منها ما تريد أن تعلمه بشأن زيارة شاروبيم، ثم خرجت إلى قاعة الاستقبال تنتظره فيها إلى أن حضر في الوقت المعين، فمدت له يدها وقالت باسمة: أهلا بالرجل الهائل.

وكان شاروبيم قد سر بهذا الاستقبال، فقال لها: إني قد أستحق أن ألقب بهذا اللقب غير أني ...

فقاطعته باكارا وقالت: دعني أباحثك بأمر خاص قبل أن تخوض في أبحاثك، وأعلم أني قد أفرغت جهدي كي أقنع الكونت أرتوف بالرجوع عن الرهان فلم أنجح.

فقال لها شاروبيم منكرا عليها هذا الجهد: لماذا أردت أن تقنعيه؟ - لأنه قد حمله على محمل الجد. - وإذا حمله هذا المحمل؟ - إنك لا تعرف هذا الروسي، فإنه إذا كان مجدا لا تكون عاقبته محمودة. - إن ذلك سيان عندي. - لا تقل سيان فلقد كنت جميلة ولا أزال، وقد اشتهرت بعدم الاكتراث؛ فأنت الآن تخاطر لإغواء امرأة بحبك، وهي امرأة لا قلب لها كما يقولون، فإذا كنت حقيقة كما يقولون فلا بد لك أن تخسر الرهان، وبالتالي فلا بد للكونت من قتلك. - إنه يقتلني ولا حرج عليه، فإن ذلك لا ريب فيه، إنه حقه. - ولكن إذا كنت الفائز؟ ثم حدقت به تحديق الساخر، فلم يسعه إلا الإطراق بنظره استحياء إلى الأرض، فأتمت حديثها وهي تقول: ألست يا سيدي قد أردت أن تراهن على حبي بالمال؟

وكأن هذا الكلام قد انقض على شاروبيم انقضاض الصاعقة، فأجفل منه إجفالا شديدا وعلم أنه ارتكب بهذا الرهان ما لا يرتكبه الأشراف.

Bog aan la aqoon