ثم نهض فودعها قائلا: إلى الغد.
فشيعته إلى الباب وهي منذهلة لا تصدق ما سمعته، وقبل أن يخرج سألها عن اسمها فقالت: حنة. - إنه اسم مبتذل لا يخلق بمن ستمثل مثل دورك فغيريه. - أي اسم تختاره لي؟
فنظر إلى عينيها الزرقاوين نظر المبهت من جمالها وقال: إني أستبدل اسمك بلقب ينطبق على صفاء عينيك، فأدعوك الفيروزة.
فضحكت وقالت: ليكن ما تريد.
ثم تركها أندريا وذهب مسرعا إلى بيت أخيه، فرأى النور مضيئا في غرفة الكونت، وقرع الباب ودخل، فانذهل الكونت لما رآه وقال: أين كنت!
فأجاب أندريا: كنت في باريس، ألم تجعلني رئيسا لبوليسك السري؟ - وماذا علمت؟ - لقد وقفت على أسرار الجمعية السرية، ولكني لا أطلعك على شيء الآن، فنم مطمئنا واعلم أن أعضاءها لا يزالون ضعفاء، وسأبدد شملهم قبل أن يشتدوا.
ثم ودعه وخرج إلى غرفته ، فأوصد بابها من الداخل وأخذ من خزانته كتابا خطيا ضخما مكتوب عليه من الخارج بحروف كبيرة هذا العنوان: «تاريخ حياتي الثانية»، وكان يكتب فيه كل يوم بضعة أسطر، ففتحه وهو يقول: إنه رأي مبتدع سيكون له شأن خطير في تحقيق ما أبتغيه، ولقد أحسنت بما كتبته في صدره من الإشارة إلى أنه كتاب خاص لا يحق لأحد أن يطالع فيه. ثم كتب في إحدى صفحاته ما يأتي:
3 ديسمبر
لله ما أشد شقائي وما أعظم ما قاسيت في هذا المساء! لقد تمثلت لي حنة، امرأة أخي بشكل آلهة الجمال تلك التي أحبها حبا ليس بعده حب ... رباه عفوك وتب علي، لقد تقطع قلبي اليوم حين رأيت زوجها يقبلها أمامي، واسبل علي ستر رحمتك فإني أحبها منذ اختطفتها وجعلت بيني وبينها هوة عظيمة بهذا العمل الفظيع.
ثم أطبق الكتاب وابتسم ابتسام الأبالسة وهو يقول: إنها متى وقفت على هذه السطور، وعلمت حبي الصحيح، فلا تمانع عن الزواج بي بعد قتل زوجها.
Bog aan la aqoon