وتقدم أرمان إلى كولار ورآه لا يزال حيا وهو ينظر إليه ويقول: لقد ظفرت علي هذه المرة، ولكن رئيسي سينتقم لي. - ويحك! أتموت كذا بغير إقرار ولا ندم؟ - هيهات أن تعرف مني شيئا! - ولكن بالله أخبرني أين حنة وأين سريز؟ - تريد أن تعرف ذلك، إذن فاعلم أن حنة قد أصبحت معشوقة السير فيليام، وغير هذا لا أقول شيئا.
ثم أطبق عينيه على إثر هذه الكذبة الشنعاء، ومات والدم يتدفق من فمه، فتقدم الكونت إلى الصبي روكامبول، وقال له: أتعرف أنت شيئا من أمر هؤلاء اللصوص؟
ونظر إليه الغلام نظرة الشجاع الباسل، وقال: نعم، أعرف كل شيء.
فصاح أرمان صيحة الفرح: إذن أخبرني أين حنة وسريز؟
ورفع كينيون سكينه على صدر الولد وقال: تكلم أو تقتل. - لا أقول شيئا، فاقتلوني إذا شئتم!
وقال الكونت: دعه، قد يتكلم.
ثم التفت إلى الصبي وقال له: أتريد أجرتك؟ - نعم، وإلا اقتلوني لأن الحياة بغير مال لا خير فيها! - كم تريد؟ - عشرة دنانير أولا. - فرمى له الكونت كيس دراهمه وقال: خذ ولكن تكلم. - إن كولار قد كذب عليك. إن الفتاة التي تبحث عنها ليست عشيقة السير فيليام، ولم ترد أن تستسلم له. - وأين هي؟ - على عشر دقائق من هنا محبوسة في بيت، وأنا أدلك عليه. - هلم بنا.
وتقدم الفتى أمامهم، ثم التفت إلى الكونت وقال: أظن أن هذا الخبر يساوي أكثر من عشرة دنانير؟! - إذا وجدت حقه سأعطيك خمسين. - إذا كان ذلك فنعم وكرامة.
ثم خرج أمامهم حتى مر بالعجوز، وهي تتظاهر بالإغماء، فدنا منها بحجة أنه يريد إيقاظها وهمس في أذنها أن اهربي في الحال، فإني سأغشهم ولا أدعهم يعلمون شيئا. ثم مر يقودهم وهو يقول: إن الفتاتين في وسط النهر. وسار بهم على جسر هناك حتى إذا توسط الماء نظر فرأى كينيون إلى جانبه، فدفعه بكلتا يديه فسقط في النهر، والتفت إلى الكونت وقال: السلام عليك يا كونت، فإنك لا تعرف من أمر حنة شيئا. ثم وثب وثبة سابح ماهر، وغاب في النهر تحت الظلام قبل أن يفيق الكونت من انذهاله، فعاد أرمان حزينا إلى الفندق، فوجده خاليا من صاحبته، فأخذ ليون الجريح، وترك جثة كولار غارقة بدمائها في تلك الغرفة. •••
بينما كان أرمان مجدا في إنقاذ ليون وهو يجد بالبحث عن حنة وسريز، كان أندريا يعمل على غزو قلب هرمين، وقد تذرع إلى ذاك بجميع الوسائل بحيث أصبح جميع من يحيط بها من أنصاره، وقد ذهب من منزل مدام كرمارك على ما علمه القراء إلى صديقه البارون مادي، وخف صديقه لاستقباله بغاية التودد، ورأى على وجهه ملامح الحزن، وسأله عن علة هذه الكآبة، فقص عليه حديث غرامه بهرمين، وأن لا رجاء له من هذا الحب، وتأثر البارون تأثرا شديدا وقال: طب نفسا فإنك نبيل في قومك جميل الطلعة كثير المال، فلا تيأس من حب هرمين، وستكون امرأة لك في وقت قريب؛ فإنها أهل لمثلك وأنت كفء لها، وهي نسيبتي وأنت صديقي، وسأخدمك في هذا الشأن كما أخدم نفسي. فشكره أندريا بلهجة الموجع القلب.
Bog aan la aqoon