ثم سمع كولار وقع أقدام على السلم، فأشار إلى ليون أنه يلزم مكانه وفتح الباب وأطل منه ورأى روكامبول ووراءه نيكولو ورفيقه، وتبادل معهما إشارة، وعاد إلى ليون فدار بينهما الحديث الآتي، وهما يشربان الزجاجة، وقال كولار: أتعلم يا ليون أن هذا الفندق كثير الخطر، وقد يقتل فيه المرء من يريد قتله ولا يعلم بجريمته أحد؟
فنظر إليه ليون باندهاش، فابتسم كولار ابتسام الأبالسة وقال: نعم، إن القتل في هذا المكان لا يكون إلا خنقا، وتلقى الجثة تحت حجر الطحن، ثم تدفعها المياه، ولا يعلم بعد ذلك أكان موت صاحب الجثة قتلا أم اتفاقا.
وارتاع ليون وقال: أيوجد هنا قتلة؟ - إذا اقتضى الحال.
فنظر إليه ليون وهو يحسبه سكران، وقال: كيف إذا اقتضى الحال؟ - إذا كان يوجد من تثقل علي حياته، فإذا قتلته فإني لا أحسب قتله ذنبا كبيرا، ولنفرض أنك أنت الذي حياته تثقل علي.
فصاح ليون مستنكرا: أنا! - لنفرض أنك أنت كذلك، وأنك صديق رجل يثقل علي أيضا نظير الكونت أرمان دي كركاز مثلا، وإني لذلك احتلت عليك، وجئت بك إلى هذا المكان. - إنك لتخيفني يا كولار بهذا المزاح. - لا بأس ولنفرض أيضا ... ثم نقر بيده على الحائط وقال: تعالوا يا أصحابي لقد وقع الطير في الشرك. ولم يكد يتم كلامه حتى دخل نيكولو وفاتح الأقفال، فأدرك ليون سر الأمر بما رأى عليهما من هيئة الغدر، ووثب من مكانه، وتناول سكينا كانت أمامه، وقال لكولار: أتريد أن تقتلني؟ - نعم، لأنك تثقل علي!
فرجع ليون حتى لصق بالحائط ورفع سكينه وقال: تقدموا الآن.
فتناول نيكولو زجاجة الخمر الفارغة وضربه في رأسه، فانكسرت وسالت دماؤه وسقط على الأرض صريعا، وهجم عليه الثلاثة، وتناول كولار منديلا كبيرا، ووضعه في عنق ليون الجريح وهم بخنقه، وإذا بدوي رصاص ونور قد سطع، وسقط كولار مصابا برصاصة في صدره.
وكان مطلق الرصاصة الكونت أرمان نفسه، فإنه لما أخبره كينيون بذهاب ليون إلى بوجيفال مع كولار، داخله ريب في أمر هذا الرجل وسار بمركبته في إثرهما كما يعلم القراء، حتى أدركهما على الطريق، وتمكن من رؤية كولار في المركبة، وتذكر أنه رآه مرة حين جاء لاستدعائه إلى منزل البارون كرماروت صاحب الملايين، فزادت شبهته فيه، وعلم أنه كان ملازما للبارون وقد وقف على سر الملايين، وداخله الريب بأنه هو الذي أطلع أندريا على ذلك السر، فاقتفى أثره حتى رآه صعد مع رفيقه إلى الفندق، ثم رأى صاحبيه القاتلين قد تبعاه، فأخذ كينيون الذي جاء معه وتوارى به وراء نافذة الغرفة التي جرت بها الحادثة، إلى أن جرى الأمر أمامه، ورآهم يهمون بقتل ذاك المسكين، فأطلق تلك الرصاصة من النافذة، كانت السبب في خلاصه، ثم وثب إلى الغرفة والغدارة في يده، وعرفه نيكولو في الحال، فخرج برفيقه مسرعا، وتركا صاحبهما ميتا وهربا، فمرا على صاحبة الفندق وأخبراها بالأمر، فتظاهرت بأنها أغمي عليها من الخوف.
وصعد روكامبول وهو يصيح: إلى القاتل إلى القاتل.
وبادره كينيون وتهدده بالقتل إذا لم يسكت، فسكت مكرها.
Bog aan la aqoon