إنه مخلوق أو غير مخلوق.
واتفق المنتمون إلى السّنة بأجمعهم على أنه غير مخلوق، وأنّ القائل بخلقه كافر، فأكثرهم قال: إنه كافر كفرًا ينقل عن الملة، ومنهم من قال: هو كافر بقول غير الحق في هذه المسألة.
والصحيح الأوّل، لأن من قال: إنه مخلوق صار منكرًا لصفة من صفات ذات الله ﷿، ومنكر الصفة كمنكر الذات، فكفره كفر جحود لا غير١.
١ ورد تكفير من يقول بخلق القرآن عن عدد من أئمة السّلف، عدّ منهم الإمام اللالكائي أكثر من خمسمائة وخمسين نفسًا من التابعين وتابعيهم، كلّهم قالوا: " القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال: مخلوق فهو كافر. ثم قال: ولو اشتغلت بنقل المحدّثين بلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة لكني اختصرت ". شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ١/٣١٢.
لكن هل هو كفر ينقل عن الملة أم لا؟
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية لقولهم إن القرآن مخلوق ومناقضتهم للكتاب والسنة، وقال فيهم ابن المبارك: " إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية " وعدّهم هو وغيره من السلف خارجين عن الاثنتين وسبعين فرقة التي افترقت إليها الأمة.
ذكر ذلك ابن تيمية، ثم ذكر قول أبي نصر السجزي فقال: " ثم حكى أبو نصر السجزي عنهم في هذا قولين: أحدهما: أنه كفر ينقل عن الملة، قال: وهو قول الأكثرين. والثاني: أنه كفر لا ينقل ". قال: ولذلك قال الخطابي: " إن هذا الذي قالوه على سبيل التغليظ ". الفتاوى ١٢/٤٨٦-٤٨٧.
والحاصل أن إطلاق تكفير هؤلاء مأثور عن السلف، لكن لا يكفر المعين منهم، إلا إذا توفرت به شروط التكفير وانتفت عنه موانعه. ولذلك كان الإمام أحمد وهو من أعظم القائلين بتكفير الجهمية، يدعو للخليفة وغيره، ممن أراد أن يجبره على التجهم، ويستغفر لهم فلو كانوا كفارًا لم يستغفر لهم، فدلّ ذلك على أنه ﵀ لا يقول بتكفير المعين منهم لاحتمال عدم توفر شروط التكفير وعدم انتفاء موانعه.
راجع الفتاوى أيضًا ١٢/٤٨٨-٤٨٩.