اجتازت الطائرة الساحل ، وأصبحنا فوق البحر، أغمضت عيني ونمت، وبالأمس نمت نوما متقطعا. كنت أصحو فجأة وأنظر في الساعة وقد تصورت أن الطائرة أقلعت بدوني، وزوجي إلى جواري نائم، أتأمل ملامحه وهو مغمض العينين، أنفاسه هادئة بلا شخير، وبلا شارب أسود فوق الشفة العليا، يفتح عينيه ويبتسم: لا زال الوقت مبكرا.
وأقول: أخشى أن تفوتني الطائرة.
ويحوطني بذراعيه هامسا: وإذا فاتتك لن يحدث شيء، هناك طائرات أخرى.
لكني أتصور أنه لو فاتتني هذه الطائرة فلن تكون هناك طائرات أخرى.
في الغرفة المجاورة ابنتي، فتحت عينها وابتسمت ثم نامت مرة أخرى.
حملقت في السماء والسحب، عيناي شاردتان وخلايا عقلي عاجزة عن إدراك الحقيقة، الطائرة تجتاز الأرض وراء الأرض والبحر وراء البحر وأنا لا أحس شيئا، الأرض تدور ولا أحس دورانها، أو أنني أدور حول الأرض، والأرض لا تحس بي.
منذ ولدت وأنا أحاول أن تكون حركتي فوق الأرض محسوسة. لا يمكن أن أعيش وأموت ولا يدري بي أحد، لكني اكتشفت أن ملايين مثلي يتحركون فوق الأرض والأرض لا تبالي، والسماء أيضا لا تبالي.
جناح الطائرة من خلال الزجاج فولاذي ضخم، يشق السحاب كسكين، في نهايته لمبة حمراء تومض كنجم يظهر ويختفي ثم يظهر، كياني داخل الطائرة هزيل، خطأ صغير في ذلك الجناح قادر على هلاكي، كيف اكتشفت الطائرة؟ لاح لي وجه أبي يحكي قصة رجل عربي؛ عباس بن فرناس الذي أراد أن يقلد الطيور، فصنع لنفسه جناحين من الريش، واستطاع أن يطير. لكنه سرعان ما سقط على الأرض، واكتشف أنه نسي أن يصنع لنفسه ذيلا من الريش.
حسدت الطيور وأنا طفلة؛ لأنها تحلق في السماء. أما أنا فما إن أقفز في الجو حتى تشدني الأرض.
مياه المحيط لا تزال تحت السحب، الساعة في يدي تشير إلى الثامنة، الشمس غربت منذ أكثر من ساعة في الوطن ولا بد أن الدنيا أصبحت ليلا.
Bog aan la aqoon