في دادا كردين ( Dadacardin )، ويبدو أنها كانت مدينة كبيرة ، ولكنها آلت إلى الخراب النهائي ، ولم يبق منها شيء غير قنطرة طويلة من الحجر غاية في حسن البناء ، يجري من تحتها نهر يتسع كثيرا حين الفيضان. وليس لأبناء تلك البقعة مأوى غير تجاويف الصخور. وهم مع ذلك يبيعون للمسافرين الدجاج والزبدة والجبن وغير ذلك من الطعام بأبخس الأثمان.
وفي اليوم الرابع والعشرين ، سرنا تسع ساعات ، ونزلنا في قره, ( Cara ) وهي قرية مبنية فوق تل. نزلت القافلة في الخان ، أما الراهبان الكبوشيان وأنا ، فقد نزلنا في دار نصراني ، وقد أخذنا هذا إلى الكنيسة فرأينا الورتبيد أو مطران ماردين. وكانت الكنيسة بسيطة فقيرة.
وفي هذه القرية ، بركة أحيطت جوانبها بالصخر البديع الذي نقل من الكنائس والمقابر النصرانية في تلك الأنحاء. ومن بينها صخرة كبيرة جدا فيها شاهد بالحروف اللاتينية الكبيرة ، علمنا من قراءتها أنها شاهد قبر سيد من النرمنديين ، كان ضابطا للمشاة. وقد ذكرنا لنا الورتبيد (المطران) أن الأقاصيص والحكايات الأرمنية ، تروي أن هذا الفرنسي مكث مدة طويلة في هذه البلاد حين كان النصارى أسياد سورية. إن الأرض هناك سهل فسيح خصيب طوله نحو عشرين فرسخا ، بوسعها أن تجعل من سكانها أغنياء ، لو لا غشم الترك وغارات الأعراب عليهم مما أضعف ثروتهم وأدناها من حافة الفقر.
وفي اليوم الخامس والعشرين ، بعد أن سرنا ثماني ساعات ، حططنا الرحال في قرية يقال لها قوش حصار ( Cousasar ) ليس فيها خان. وكان هناك فيما سبق ثلاثة ديارات كبيرة بين الواحد والآخر ربع فرسخ. ولكن الترك خربوا اثنين منها عدا أبراج الكنائس التابعة لهما. أما الثالث الذي لا يزال قائما بكامله ، وهو من أجمل المباني ، فقد اتخذ مسجدا ، واتخذوا من الصوامع دكاكين لا تزال تتوسطها عين ماء.
وفي اليوم السابع والعشرين بقينا في قوش حصار ، إذ إنها المكان الذي يدفع فيه جمرك ديار بكر التي لا تبعد عنها أكثر من يومين. والرسم يبلغ القرشين والربع لكل حمل من السلع التجارية.
Bogga 36