الرمل ينزل الناس وراءها فيمرون إلى الماء من بينها وقل ما يخلو من عمارة الأعراب وسقينا واستقينا وظعنا منه صبيحة.
ومررنا على السبخة والسبخة صعبة جدا كثيرة الوحل وفيها غور في بعض المواضع ولا ينجو منه إلا من يعرفها أو يقدم خبيرا يعرف المسالك لأن طريقها أقرب وإلا فليترك سبيلها وليذهب حذوها يمينا عنها حال الطلوع وبينها وبين البحر جبال من الرمل تصعب على الإبل طلوعا وهبوطا يعلم ذلك بالعيان وقد تشتت حال الركب فيها.
ثم سرنا يومين ونزلنا معطن اجدابية عند الزوال وسقى الناس واستقوا وملئوا أسقيتهم مارين مستعجلين إلى سلوك ووقفنا على مسجد بها يزعم الناس أن الإمام سحنون درس فيه ثلاث سنين ومن المنعم فارقنا البحر فلا تراه إلا عند التميمي.
أقول قال الشيخ العياشي وهذه اجدابية آثار عمارة كثيرة وآبار عظيمة منقورة في الحجر وبنيان هائل بالحجر المنحوت وهناك رسم مسجد قديم تهدم ووجدنا في بعض حجاراته تاريخ بنيانه منقوش سنة ثلاثمائة قال وهذه المدينة هي مدينة برقة المذكورة في كتب الفقه وقيل أنها مدينة بالجبل الأخضر في الجانب البحري.
وقد أخبرني صاحبنا سيدي عبد الله بن غلبون أنه رآها وأن رسومها تدل على عمارة قوية وبها آثار سور وأبراج ورخام كثير وقال أن بها قبرا مشهورا يزار ويزعم أعراب البلد انه قبر نبي فقلت له الغالب انه قبر صحابي فقد نص المؤرخون على أن رويفع بن ثابت بن السكن الأنصاري الصحابي قد توفي ببرقة وهو أمير عليها من قبل مسلمة بن مخلد وقتل ببرقة أيضا من الصحابة زهير بن قيس البلوي ندبه عبد العزيز بن مروان إلى برقة فلقي الروم فقاتل حتى قتل وما ذاك إلا قبر أحدهما فان
Bogga 266