يخاف أحدهم بينهم من رثة ثيابه أو وسخه أن يمقتوه، أو يخرجوه من بينهم وكذا لا يقدر بينهم أن يلبس عباءة مخططة إلا سوداء أو بيضاء، فيخاف أحدهم أن يخرج عن هيئتهم، إذ لو خرج عنها لقطعوا معلومه.
وفيهم شيء من طبيعة التتر كل من قام بالرسم قبلوه ؛ اتحاديا كان أو زنديقا، لا يعترضون عليه، وكذلك - دائما - يكون عندهم الصدرية والعربية مع علمهم بانحرافهم. كذلك التتر، كل من قام بالطاعة قبلوه يهوديا كان أو نصرانيا.
ويرون القيام بذم البدع فضولا، ليس من وظيفة الصوفي ذلك، بل وظيفته السكوت والقيام بالرسم، وتناول المعلوم، [و] إذا قام بذلك حصل المقصود.
يعظمون - بينهم - ذا الهيئة من صاحب المزدوجة الكبيرة ، والأكمام الواسعة والذقن الطويلة خصوصا إذا كانت بيضاء، كان هو المشار إليه بينهم. فوجدت قطعا - [قوما] لا يقدر العبد على عبادة الله وحده ، لا شريك له بينهم ، ولا يجد بينهم لذة الطاعة، ولا الامتلاء من الذكر، ولا استيلاء ربانية الحق على القلوب، ولا وجود ذوق خالص العبودية ، ووجدتهم في ظلمة وعماء، لهم صورة بين العالم، وقلوبهم مغمورة برسم العبادة، وشيء يسير من الحقائق، مخلوط بأمثاله من ربانية المخلوقين وأوضاعهم، فاسترحت بينهم من وجه، ولم أسترح من وجه آخر، فالراحة بينهم بسبب الجمعية لصفاء النظر، فإن ذلك إنما يكون بالكفاية والقطع عن الشواغل، وذلك موجود بينهم، فلما صفا العقل والفكر، وأبصر الإنسان ما بين يديه، وأراد أن يعبد الله بكمال العبادة وجد نفسه مقيدا بينهم عن النفوذ.
فصل
واعترني في الربط قوم يشيرون إلى المحبة والتوحيد، ويشيرون إليه، ويقولون: فلان موحد، وفلان ما شم من التوحيد شيئا، ويعظمون شأن توحيدهم، ويقولون: من يصل إليه ? ويذكرون شيوخهم كابن عربي، والصدر القونوي، فبقيت مدة أفتش على التوحيد الذي يشيرون ، فوجدن حاصل توحيدهم أنهم يجعلون الحق تعالى هو الوجود المطلق الساري في جميع الأكوان ، وأنه حقيقة الأعيان ، من
Bogga 43