قلت : وأشبه الأقوال والله أعلم قول من قال : إن آدم عليه السلام بناه ، إذا لم يقم دليل على صحة شيء مما قيل في ذلك. ودل ظاهر الحديث الصحيح على أن البيت كان قبل إبراهيم عليه السلام . وذلك أنه دعا عند وضعه هاجر وابنها إسماعيل بمكة قبل بنائه البيت بزمان ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) (1).
وقد ورد في الحديث أنه كان هنالك بيت قبل إبراهيم عليه السلام ، وقد رأيت أن أثبت الحديث المذكور مختصرا لأنه يليق بهذا الموضع فأقول : روي عن ابن عباس رضياللهعنهما أن إبراهيم عليه السلام أنزل هاجر وولدها إسماعيل عليه السلام وهو صغير يرضع بمكة ، ولا ماء بها ولا أنيس ، فقالت : الله أمرك أن تتركنا بهذا الوادي الذي لا أنيس به؟ قال : نعم ، قالت : إذا لا نضيع معه. وذهب حتى غاب عنهما فاستقبل البيت ، فقال : رب ( إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) إلى ( يشكرون ) فلما عطشت هاجر وابنها ، ورأته يتلوى ، قامت كراهة أن تنظر إليه ، فصعدت الصفا فنظرت ، فلم تر أحدا ، فهبطت منه ، فلما كانت [97 / آ] في الوادي رفعت ذيلها وسعت سعي المجهود ، حتى صعدت المروة ، فلم تر شيئا ، ثم رجعت إلى الصفا. فعلت ذلك سبع مرات ، فلذلك سعى الناس بينهما. فجاء الملك فضرب بعقبه في موضع زمزم فنبع الماء ، فجعلت تحوضه (2) بيدها ، ولو تركته لكان معينا (3) ثم قال لها الملك : لا تخافا الضيعة ، فإن ها هنا بيتا لله (4)
Bogga 381