============================================================
باب معرفة التنبت وعند ماذا ينبت قلت : ينبت عند ماذا" قال: يتثبت عند ما تدعوه النفس والعدو [ إلى عمل] فينظر (1) ما يدعوان اليه، أهو مما كره الله جل وعز، أو أحبه؟ لئلا تخفى عليه واحدة من هذه الخلال الست إذا اعترضت له في بلاء النفس بالمنازعة إليها، فإن عرض له ذنب مما كان عزم على تركه لله، خوف نفسه أن يرجع فيما كان تركه لله تعالى، فيسميه الله تعالىا غادرامخلفا، ويحضها على ترك الذنب الذي عرض له ، ليسميه الله جل وعز بالوفاء بالعهد والتمام على العزم [فيحكم له بحكمه] فيحق له حكم الصادقين الموفين بعهودهم، الماضين على عزومهم، فإن استصعبت نفسه عند ذلك آهاج ذكر الخوف في عاقبة المعاد، أن يوافيه وهو مخلف كذاب، غير تائب لم يف بعزمه، إلى ما يسخط ربه، فيخوف نفسه الحكم عليه بذلك بين يدي الله تعالى، والنظر إليه بالمقت في مقامه ذلك، فلم يلبث أن تغلب مرارة ذكر العقاب، وخوف المقت في العاجل، حلاوة دواعي النفس إلى راحتها وشهوتها ، وقد يفعل ذلك العبد في خوف سوء عاقبة أمر الدنيا : يعرض له أحب الطعام إليه ، فإذا ذكر فيه ضررا من حرارة او برودة أو غير ذلك امتنع منه ، فإن جاشت ودعته نفسه إلى أكله ، ذكرها سوة عاقبته وهيجان الوجع بعد ما تمضي لذته وحلاوته ، فيطفي ذكر مرارة سوء عاقبة ذلك الطعام حلاوة تعجيل لذته ، فيتركه من أجل سوء عاقبة أيام قليلة لسقم، فإن مقدور واقع به إن كان قدر أكل ذلك الطعام أو تركه، وإن لم يقدر له لم يقع به أكله أو تركه؛ فهذا الذي عرض له الذنب، فذكر سوء العاقبة في الآخرة، أولى أن (1) في الأصول كلها : عقد دعاء النفس والعدو لينتظر . وما أثبتناه أوضح.
Bogga 83