وقال تعالى في سورة الغاشية: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت* وإلى السماء كيف رفعت* وإلى الجبال كيف نصبت* وإلى الأرض كيف سطحت* فذكر إنما أنت مذكر (1) والمراد بذلك الاستدلال به على معرفته، وعلى قدرته.
فكل هذه الآيات دلائل على وجوب النظر في معرفته تعالى، ومعرفة صفاته؛ فمن تأملها وتدبرها، وتفكر فيها علم ما قلناه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه (2).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تثبت معرفته، وبالفكر تثبت حجته، معروف بالدلالات، مشهور بالبينات، إلى آخر الخطبة (3).
[77] 8- وسئل الرضا (عليه السلام) فقيل: ما الدليل على حدوث (4) العالم؟ قال:
أنت لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك من هو مثلك (5).
فإذا ثبت وجوب النظر فينبغي أن ينظر في الأجسام دون الأعراض؛ ليكون عليه أسهل، وإلى معرفته تعالى أقرب، والدليل على أن الأجسام محدثة، أنه لو كانت قديمة وجب أن تكون في الأزل في جهة من جهات العالم؛ لأن ما هي عليه من الحجم والجثة يوجب ذلك؛ فلا يخلو كونها في تلك الجهة إما أن يكون للنفس، أو لمعنى قديم، أو لمعنى محدث، أو بالفاعل، ولا يجوز أن يكون في جهة للنفس؛ لأنه يوجب استحالة انتقالها؛ لأن صفات النفس لا يجوز تغيرها
Bogga 70