ولما بلغ أردشير إحدى وخمسين سنة، جلس ذات يوم يتفكر، فسأله الوزير لم التفكير؟، فقال: إن العمر بلغ النهاية وليس لى ولد ليكون وليا للعهد بعدى، فوجد الوزير الفرصة فقبل الأرض وقال: ليأمر الملك الخازن ليحضر أمانتى فأمر الملك بذلك، فسأله أردشير ما هذا؟ قال: أنا مستح فقد فكرت فى هذا اليوم الذى لم يلتفت فيه الملك على ابنه ومن أجل دفع هذه التهمة عنى، فقد احتفظت بالأم والابن، وفى ذلك الوقت كان ابن الملك شابور فى الثامنة من عمره، فسر أردشير من هذا الكلام، وأمره أن أعرض هذا الولد مع الأطفال الآخرين حتى أراه، فإن محبة الأب هى التى تدلنى عليه، فصفوا عدة أطفال وجعلوا شابور بينهم وعرضوهم على أردشير، فعرفه فى الحال، وتحركت فيه شفقة الأبوة، فرعى جانب الوزير، وأرسل الأم والولد إلى الحرم.
ومن آثاره كورة أردشير فى فارس، أصل تلك الكورة فيروز آباد وقد وقعت فى وسطها أخزه؟ 27 وكانت تسمى قديما" جور"، ولها سور محكم ولما وصل الإسكندر لذلك المكان عجز عن الاستيلاء عليه، وكذلك النهر الذى كان يجرى من فوق ذلك الجبل الذى كان يصب فى آخره تلك وجعلها بحرا، ولما وصل أردشير إلى هناك أمر بإزالة الجبل وأخلى الماء من آخره هذه، وشيد مدينة بقيت بعض عمائرها إلى الآن، وبنى يزدبين شيراز وكرمان والأهواز فى خوزستان والجزيرة فى الموصل والخطة فى البحرين، وحفر نهر مسرقان، وكانت مدة ملكه أربعة عشر عاما، ويقال: إنها كانت أربعين سنة وشهرين.
شاهبور بن أردشير:
وخلفه بناء على وصيته، وكان ملكا عادلا جوادا، نظم الأعمال طبقا لسابق عهدها، ولم يغير العمال الذين كان قد اختارهم أردشير، وربى غصن المحبة الذى كان قد غرسه أبوه فى أرض القلوب بماء المحبة، ثم نطقت كل الألسنة بالثناء عليه، وتعلقت كل القلوب بمحبته. ولما أخبروه بأن قسطنطين قيصر الروم تجاوز حدوده، وسلك طريق العداء، قصده شابور واستولى على مدينة نصبين وعلى خزائن القيصر التى كانت فيها، ووقع الرعب فى قلب القيصر من قوته، وأسرع معتذرا يطلب الصفح وأرسل الرسل وقبل الخراج، فعاد شابور منتصرا مظفرا، ومن آثاره بلاد شابور من جبل كيلويه فى أعمال فارس وجندى شابور فى خوزستان وشادشابور فى سجستان، وكانت مدة ملكه ثلاثين سنة وشهرين.
Bogga 65