329

Rawda Nadiyya

الروضة الندية

Daabacaha

دار المعرفة

Noocyada

Fiqiga
إجماع قديم ولم تجمع الأمة ولله الحمد على خلافه بل لم يزل فيهم من يفت به قرنا بعد قرن وإلى يومنا هذا فأفتى به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس كما رواه حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس إذا قال: أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحدة وأفتى بأنها واحدة الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف حكاه عنهما ابن وضاح وأما التابعون فأفتى به عكرمة وطاوس وأما تابعو التابعين فأفتى به محمد بن اسحق وحلاس بن عمرو والحارث العكلي وأما أتباع تابعي التابعين فأفتى به داود بن علي وأكثر أصحابه وأفتى به بعض أصحاب مالك وأفتى به بعض الحنفية وأفتى به بعض أصحاب أحمد والمقصود أن هذا القول قد دل عليه الكتاب والسنة والقياس والإجماع القديم ولم يأت بعده إجماع يبطله ولكن رأى أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه أن الناس استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه والذي ندين الله تعالى به ولا يسعنا غيره وهو القصد في هذا الباب أن الحديث إذا صح عن رسول الله ﷺ ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنا من كان انتهى حاصله وتمام هذا البحث في إعلام الموقعين وإغاثة اللهفان للحافظ ابن القيم وفي رسالة مستقلة للماتن وفي كتابنا مسك الختام فليرجع الطالب إليها إن أراد التفصيل والتحقيق وبالله التوفيق
وأما التفريق بين المعسر وبين امرأته فأقول: إذا كانت المرأة مثلا جائعة أو عارية في الحالة الراهنة فهي في ضرار والله تعالى يقول ﴿وَلا تُضَارُّوهُنَّ﴾ وهي أيضا غير معاشرة بالمعروف والله يقول ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وهي أيضا غير ممسكة بمعروف والله يقول ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ بل هي ممسكة ضرارا والله يقول ﴿وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا﴾ والنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول "لا ضرر ولا ضرار" وقد ثبت في الفسخ بعدم النفقة ما أخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا قال: قال رسول الله ﷺ: "في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما" وأخرجه الشافعي وعبد الرزاق عن سعيد ابن المسيب وقد سأله سائل عن ذلك فقال: يفرق بينهما فقيل له سنة فقال نعم سنة.

2 / 54