وبذلك ظلت (الحلة) مأمونة من النكبة التي حلت بسائر البلاد في محنة الاحتلال المغولي، وأخذت تستقطب الشاردين من (بغداد) من الطلاب والأساتذة والفقهاء.
واجتمع في الحلة عدد كبير من الطلاب والعلماء، وانتقل معهم النشاط العلمي من (بغداد) إلى (الحلة)، واحتفلت هذه البلدة وهي يومئذ من الحواضر الإسلامية الكبرى بما كانت تحتفل به (بغداد) من وجوه النشاط الفكري: ندوات البحث والجدل، وحلقات الدراسة والمكاتب والمدارس، وغيرها.
واستقرت المدرسة في الحلة. وظهر في هذا الدور في الحلة فقهاء كبار كان لهم الأثر الكبير في تطوير مناهج الفقه والأصول الإمامي، وتجديد صياغة عملية الاجتهاد، وتنظيم أبواب الفقه ك (المحقق الحلي والعلامة الحلي وولده فخر المحققين وابن أبي الفوارس والشهيد الأول وابن طاوس وابن ورام)، وغيرهم من فطاحل الأعلام ورجال الفكر.
ولكي نلمس أثر هذا العصر وفقهائه في تطوير مناهج البحث الفقهي نستعرض بإيجاز تراجم بعض رجال هذه المدرسة:
1 - (المحقق الحلي):
نجم الدين أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلي رائد (مدرسة الحلة الفقهية) ومن كبار فقهاء الشيعة.
قال عنه تلميذه ابن داود: الإمام العلامة واحد عصره.
كان ألسن أهل زمانه، وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا (1) " كان مجلسه يزدحم " بالعلماء والفضلاء ممن كانوا يقصدونه للاستفادة .
Bogga 73