ولكي يلمس القارئ التراث الضخم الذي خلفة (الشيخ) والتجربة الجريئة التي خاضها في تطوير منهج البحث الفقهي ننقل إلى القارئ النص التالي من مقدمة كتابه (المبسوط):
قال في مقدمة الكتاب :
إني لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقهة، والمنتسبين إلى علم الفروع يستخفون بفقه أصحابنا (الإمامية)، وينسبونهم إلى قلة الفروع وقلة المسائل، ويقولون: إنهم أهل حشو ومناقضة، وإن من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل، ولا التفريع، ولا الأصول لأن جل ذلك وجمهوره مأخوذ من هذين الطريقين.
وهذا جهل منهم بمذاهبنا، وقلة تأمل لأصولنا، ولو نظروا في أخبارنا وفقهنا لعلموا أن جل ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا ومنصوص عليه عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري مجرى قول النبي صلى الله عليه وآله إما خصوصا، أو عموما، أو تصريحا، أو تلويحا.
وأما ما كثروا به كتبهم من مسائل الفروع فلا فرع من ذلك إلا وله مدخل في أصولنا، ومخرج على مذاهبنا، لا على وجه (القياس) بل على طريقة توجب علما يجب العمل عليها، ويسوغ المسير إليها: من البناء على الأصل، وبراءة الذمة، وغير ذلك.
مع أن أكثر الفروع لها مدخل فيما نص عليه أصحابنا، وإنما كثر عددها عند الفقهاء بتركيبهم المسائل بعضها على بعض، وتعليقها، والتدقيق فيها، حتى أن كثيرا من المسائل الواضحة دق لضرب من الصناعة وإن كانت المسألة معلومة واضحة.
وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك تتوق نفسي إليه، فيقطعني عن ذلك القواطع، وتشغلني الشواغل
Bogga 69