[7_2]
مراد العمري
وأما الجد القريب مراد، صاحب الحيثية والاستعداد. فهو البحر الزاخر، والغمام الهموع المتقاطر. ربيع الحكم وصاحب المجد والكرم. روض الإفادة وغصن ساحة الكمال والسعادة. أمام فن العربية وترجمان لسانها، وعين أعيان البلاغة وإنسان إنسانها.
لا ترجون له المثيل فإنه ... شمس الهدى وعناية الآداب
أحيا أموات العلوم، وعمر ربع المنثور والمنظوم. ملأ بآدابه جنبات الأرض، ونشر لواء فضله في طولها والعرض. جال في ميدانها، واسترق أدباء عصرها وأوانها، صارم العزم، حاضر الحزم، ساري الفكر ثبت المقام، صلب العود، تهادت أهل العلوم، بفضله المرسوم. فتحقيقاته كثيرة حقيقة، وتدقيقاته غزيرة أنيقة. وتعاليمه رائقة، وتصانيفه فائقة. فضله ظاهر، وقد تعاطت سلافة أدبه الأكابر والأصاغر.
ومما أخبرني الوالد عن أبيه هذا الكريم الماجد قال: كان في علوم العربية فريد الزمن، وآثاره الآن دالة على توغله في كل فن. أمة بالحديث وعلامة بالتفسير، مرجع في كليهما للقليل والكثير. كأنه روض هذه العلوم الذي اعتدلت اسطاره، وابتسمت في حدائقه من أكمامها أنواره. قد منع الشمس من فضله ان ترمق ثراه، وعن أن تدرك خيال كماله في مروره ومسراه. وقد شهدت له بذلك الفضل ليالي وأيام، وتلت محاسن مواهبه الزاهية محابر وأقلام، وتعليقاته على المشارق نعم الأثر، وهو الذي يرشدك إلى صحة هذا البيان وثبوت هذا الخبر. وقد اثبت من نظمه الساطع، ما هو لكماله برهان قاطع. فمن شعره قوله:
بح بالغرام فما عليك ملام ... إن التستر بالغرام حرام
واترك ملامة لائم في حبه ... إن الملامة في هواه هيام
كيف التعرض للسلو وصده ... برء ووصل سواه لي أسقام
Bogga 7