قال أفلاطون: فهو كالنار، بل هو أقوى، إذ لا يبقى.
قال أحمد: قد نرى النار إذا وقع فى الخشب والنبات فإنه لا يأتى على كل أجزائه، بل يبقى منه الرماد والفحم؛ والعمل لا يترك شيئا من الأشياء إلا أحاله بكليته.
قال أفلاطون: وترى فيه حركة روحانية لا تقبل الموت.
قال أحمد: إن الفساد والاضمحلال فى الشىء: من الشىء ما يكون كما ترى النار الآكلة فى الخشب والعفونة فى التفاح. فالفساد إذا لم يكن من جنسه متمكن ممكن فيه فإنه لا ينفذ فى الشىء ويستحيل منه تدبيره فيه. فهذا أحد الأسباب التى تمنع هذا الشىء من قبول الفساد.
والسبب الثانى: أن فارق الصافى الكدر عنه مفارقة الصافى اسم الموت. فأما الشىء الذى هو الحياة فإنه يستحيل منه قبول الموت.
قال أفلاطون: والتكليس بعد التصعيد مما يصفى — إلى أن قال: فإن شئت فاجمع، وإن شئت فافرد.
قال أحمد: إنك إذا صاعدت الشىء ثم صاعدته أيضا من غير أن يكون بين التصعيدين تكليس، فإنه قلما يغنى، وإنما يزيل هذا الشىء عن جهته، أعنى عن تركيبه، التصعيد بعد التكليس، والتكليس بعد التصعيد. وجائز أن تفرد الثلاثة الأجناس التى يولدها لك العمل الأول، فدبر كل واحد على حدة؛ وجائز أن تجمعها أيضا، والجمع أسهل، لأن المفردات من هذه الثلاثة الأشياء الفساد إليها أسرع والتدبير لها أعسر.
قال أفلاطون: وإن كان فى العمل بعد التصعيدين أو الثلاثة قلة فالحق به من الشىء غير المدبر فإنه يلحق به.
Bogga 186