Rasaailka Al-Jahiz
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
Noocyada
قال أبو جعفر:
أما كثرة المستجيبين، فالفضل فيها راجع إلى المجيب لا إلى المجاب. على أنا قد علمنا أن من استجاب لموسى أكثر ممن استجاب لنوح عليهما السلام، وثواب نوح أكثر بصبره على الأعداء ومقاساة خلافهم وعنتهم. وأما إنفاق المال، فأين محنة الغنى من محنة الفقر؟ وأين يعتدل إسلام من أسلم وهو غني إن جاع أكل وإن أعيا ركب وإن عري لبس، قد وثق بيساره واستغنى بماله واستعان على نوائب الدنيا بثروته، ممن لا يجد قوت يومه وإن وجد لم يستأثر به فكان الفقر شعاره؟ وفي ذلك قيل: الفقر شعار المؤمن. وقال الله تعالى لموسى: «يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين.» وفي الحديث: «إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام.» وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
يقول: «اللهم احشرني في زمرة الفقراء.» ولذلك أرسل الله محمدا
صلى الله عليه وسلم
فقيرا، وكان بالفقر سعيدا، فقاسى محنة الفقر ومكابدة الجوع حتى شد الحجر على بطنه. وحسبك بالفقر فضيلة في دين الله لمن صبر عليه؛ فإنك لا تجد صاحب الدنيا يتمناه لأنه مناف لمال الدنيا وأهلها، وإنما هو شعار أهل الآخرة. وأما طاعة علي عليه السلام وكون الجاحظ زعم أنها كانت لأن في عز محمد عزه وعز رهطه بخلاف طاعة أبي بكر، فهذا يفتح عليه أن يكون جهاد حمزة كذلك، وجهاد عبيدة بن الحارث، وهجرة جعفر إلى الحبشة، بل لعل محاماة المهاجرين من قريش على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كانت لأن في دولته دولتهم وفي نصرته استجداد ملك لهم، وهذا يجر إلى الإلحاد ويفتح باب الزندقة ويفضي إلى الطعن في الإسلام والنبوة.
قال أبو جعفر:
قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة في الغار بما هو واضح لمن أنصف، ونزيد ههنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم، فنقول:
Bog aan la aqoon