هرمان وقد جعلوه ركنًا لهم حصينًا لمعرفته بمكائد الحرب وجغرافية البلاد، فصار دليلًا لهم إلى أن أوصلهم إلى موضع يقال له تيتوبورج فالده قريب من ذلك الوادي، حيث هو يعلم أن الجرمانيين متربصون في معاطف الجبال والمغارات، وبينما هم سائرون به، وإذا بالجرمانيين قد انصبُّوا عليهم كالسيل العرِم، وأحاطوا بهم، وأشعلوا نار الحرب فيهم، ولما شاهد ذلك القائد هرمان أشار إلى بعض قواد الرومانيين بأن يجوزوا بالجيوش ذلك الوادي ليتحصنوا من الجهة الأخرى، ففعلوا وإذا بأرجل أفراسهم قد انغرزت في ذلك الوادي حيث كان موحلًا، فانضم القائد هرمان إلى الجرمانيين، وانقضَّ بهم على الرومانيين حتى أذاقهم كؤوس العذاب بمكره وخداعه، وحقَّت عليهم كلمة الغلبة، وحينما سمع ذلك القيصر أغسطس هاله الأمر، فقام يتردد في أودته، يضرب رأسه في الحائط هنا وهناك قائلًا: فاروس أعد لي جيشي أعدْ لي جيشي مكررًا لها.
وكانت هذه الواقعة في سنة تسع بعد الميلاد، وهي أولى الوقائع التي انتصر فيها الجرمانيون على الرومانيين. ولذلك تجد الألمانيين الآن يعظمون ذروة أحد الجبلين المحيطين بذلك الوادي تذكارًا له ولبسالته.
1 / 322