يزالوا، فيما بعد، رافعين ألوية الانتصار على الجرمانيين في كل حرب يقيمونها حتى أخضعوهم إليهم، ونظموا منهم جيشًا يسيرونه كيف شاءوا. ولم تزل هذه حالتهم إلى أن تولّى على الرومانيين القيصر أغسطس وفي عهده وجه إلى بلاد جرمانيا واليًا له يسمى فاروس وكان مع قوة بأسه ليِّن الجانب سهل الانخداع، وحينما رأى أفراد الجيش الجرماني أولي قوة كثيري الطاعة، كما هي سنة الأمة المغلوبة للغالبة، شُغف بهم، وأعلى من درجاتهم، وكان منهم رجل جرماني يدعى هرمان شديد الجأش، عارفًا بطرق الحيل والخداع.
وكانت الحمية الجرمانية تضرم في قلبه، وكراهته للرومانيين تصلي فؤاده، فأوجس في نفسه الانتقام، والتخلص من قهرهم، وأخفى ما كنَّهُ صدره، وصار يتقرب إلى ذلك الوالي شيئًا فشيئًا إلى أن اغترَّ به وأوصله إلى درجة كبرى، حتى جعله من جملة قواد الجيوش الجرمانية والرومانية. فعند ذلك انتهز الفرصة فحرَّك يد الفتنة في الجرمانيين سرًّا، وجعل بينه وبينهم مسيسًا، فرفعوا عصا العصيان، وقاموا ضد الرومانيين، وكان من القائد هرمان أن هاج في الرومانيين يحثّهم على الحرب، وألان جانب الوالي والقيصر حتى تجهزوا لانتشاب نار المعارك، فقام
الوالي بجيشه وقواده، ومن جملتهم القائد
1 / 321