إلى الرأي الراجح، ويأخذ بيده إلى الصواب دون أن يلجئه إليه إلجاءً، وسبيله في ذلك: كثرة الأدلة، وقوَّة الحجج التي يسوقها لطرفي النزاع، وسداد الأجوبة، ورد الاعتراضات، وهذا ظاهر في كتابنا بحمد الله تعالى لا خفاء به، إذ استغرق الاستدلال والاحتجاج للقائلين بالرفع أكثر من (٢٠٠) صفحة، وللفريق الآخر نحو (٣٣) صفحة.
على أن المؤلف قد نصَّ على اختياره في عدد من كتبه، وصرَّح بذلك تصريحًا لا مزيدَ عليه في كتابه «زاد المعاد»: (١/ ٢١٨ - ٢١٩) قال: «وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة (يعني للإحرام والركوع والرفع منه) نحوٌ من ثلاثين نفسًا، واتفق على روايتها العشرة، ولم يثبت عنه خلاف ذلك ألبتة، بل كان ذلك هديه دائمًا إلى أن فارق الدنيا، ولم يصح عنه حديث البراء: «ثم لا يعود» بل هي من زيادة يزيد بن [أبي] زياد. فليس تَرْك ابنِ مسعودٍ الرفعَ مما يُقدَّم على هديه المعلوم، فقد تُرِك من فِعْل ابن مسعود في الصلاة أشياء ليس معارضها مقاربًا ولا مدانيًا للرّفع، فقد تُرِك من فعله التطبيق والافتراش في السجود، ووقوفه إمامًا بين الاثنين في وسطهما دون التقدم عليهما، وصلاته الفرض في البيت بأصحابه بغير أذان ولا إقامة لأجل تأخير الأمراء. وأين الأحاديث في خلاف ذلك من الأحاديث التي في الرفع كثرةً وصحةً وصراحةً وعملًا، وبالله التوفيق» اهـ.
وللمصنِّف ﵀ اهتمام بإفراد جُملةٍ من المسائل الفقهية بمؤلفات خاصة، ينتهِج فيها نهجًا واحدًا من تحرير الأقوال، واستيعاب الأدلة، والنظر فيها على طريقة الاجتهاد، وترجيح ما ينصره الدليل والبرهان، مثل: «إغاثة اللهفان
المقدمة / 6