مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا بحث جليل أفرده الإمام شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر المشهور بابن قيِّم الجوزية (ت ٧٥١) رحمه الله تعالى، في مسألة فقهية واحدة، وهي مسألة: رفع اليدين في الصلاة، وجَعَل الخلافَ فيها معقودًا بين فريقين:
الأول: جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة، القائلين بأن رفع اليدين في الركوع، والرفع منه، والقيام من الركعتين سنة ثابتة عن النبي ﷺ.
والفريق الثاني: بعض العلماء من الحنفية وغيرهم، القائلين بعدم سنية رفع اليدين في تلك المواضع.
فحرَّر الأقوال في المسألة، وذكر دلائلها النّقلية والعقليّة، واستقصى فيها ما شاء له أن يستقصي، واستدلَّ لكلِّ مذهب بما يعجَز أصحابه أن يستدلوا له، وناقشَ مواقف الفُرَقاء منها، وبما أجاب به كلُّ فريق، ووازن بين تلك المذاهب، فنظر فيها نظر المُنصف المريد للحقِّ.
ولئن كان المؤلِّف لم يصرِّح باختياره وترجيحه لأحد القولين في المسألة ــ فيما بين أيدينا من الكتاب على الأقل (^١) ــ فإنه يقود القارئ
_________
(^١) إذ ربما صرح به في مقدمة الكتاب المفقودة.
المقدمة / 5