مع أن هذا قول وسط بين القولين السابقين، إلا أن هنا حقائق يمكن ذكرها وهي على النحو التالي:
أولا: أن ميل الشخص إلى قول من الأقوال لا يدل على أنه يجزم به ويقطع به، بل ظن لديه فمال إليه.
ثانيا: الميل نوعان:
١ - ميل ناشئ عن اجتهاد ونظر وموازنة بين الأدلة الشرعية، فهذا صاحبه مأجور، لكونه مجتهدا وإن أخطأ.
٢ - ميل ناشئ عن الهوى وتعصب وشهوة النفس ونفي للدليل فهذا ميل مذموم قد ذم الله فاعله، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ (١) .
ثالثا: أن شيخ الإسلام وإن مال إلى هذا القول فهو مسبوق إليه، بقول الشيخ الألوسي أثناء كلامه عن شيخ الإسلام في هذه المسألة "ولئن سلم أنه - أي شيخ الإسلام - مال إلى ذلك فقد ذهب إليه بعض السلف وأفراد من الخلف ... " (٢) .
وبالتالي لا يكون مبتدعا في ذلك كما تقدمت الإشارة إلى هذا (٣) .
رابعا: أن ابن تيمية كتب هذه الرسالة بناء على سؤال وجه إليه من تلميذه ابن القيم، وذكر له في السؤال أن هذه المسألة تشكل عليه كما في نص السؤال.
إذن فلا عجب أن الشيخ يستقصيها من جميع جوانبها ويوازن بين أدلتها، وعند ذلك ظن من ظن بأنه يقول بفناء النار أو يميل إلى القول به.
_________
(١) سورة النساء، الآية: ٢٧.
(٢) جلاء العينين للألوسي "ص٤٨٨".
(٣) راجع "ص٢١".
1 / 26