Rabka Kacaanka
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
Noocyada
2
ويلوح لنا أن هذه الصورة لحالة مصر الاجتماعية، لم تقتصر على تلك الفترة التي ظهر فيها نبلاء الأقاليم في الأسرتين الخامسة والسادسة، وإنما كان هذا هو الحال منذ أمد طويل قبل ذلك، منذ السيادة المركزية المطلقة في الأسرة الرابعة، فيقول «فرانكفورت»: «كان العامة مقيدين بالأرض التي يحرثونها، وكان عليهم أن يقدموا نسبة كبيرة من منتوجهم كضريبة، وكانوا معرضين لأعمال السخرة، وكان قسم من الشباب في كل القرى والمزارع يجندون للجيش ... وإذا طرأت حاجات إضافية لتنفيذ واجبات خاصة ... فإنه كان ممكنا تجنيد السكان جميعا.»
3
وهكذا «كانت حياة الفلاح المصري هي المأساة الحقيقية؛ فهو يرث الشقاء عن أجداده، ولا يستطيع أن يتصرف في مستقبله، ولا أن يبرح الأرض التي ولد فيها. إنه مرتبط بالأرض كالجماد أو الحيوان، وتابع لسيده، بلا أمل في الخلاص.»
4
وكما سلفت الإشارة، فقد كان معروفا في هذه العهود أن الأرض ملك للفرعون وحده، أما خدام الأراضي من حراثين وحصادين وغيرهم، فكانوا طائفة من الخدم أو الأقنان التي شملت الجزء الأكبر من الرعية،
5
وكانت أقوال الملك أوامر حتمية، لا يسع الشعب أمامها إلا التسليم والخضوع، مهما بدت قاسية أو بغيضة لا تطاق.
6
وكثيرا ما ظهرت في نقوش الأسرتين الخامسة والسادسة صورة الملك ممسكا بالعصا يؤدب الفلاحين، وجباة الضرائب يسحبونهم على وجههم إلى قصر السيد؛ ليلقوا جزاء تقصيرهم في دفع ما عليهم من أموال، ولم تكن هناك جهة يمكن أن يلجأ إليها الفلاح ليحصل على حقوقه بعد أن ظهر النبلاء، وأصبحوا هم القضاة، فكانوا الخصم والحكم، المشرع والمنفذ في آن واحد.
Bog aan la aqoon