Waxaan ku Arkay Riyada Hurdada
رأيت فيما يرى النائم
Noocyada
رأيت فيما يرى النائم.
أنني أسير في شارع ضيق طويل، شغلت بهدفي فلم أنتبه للمارة، وفي نهاية الشارع طالعني مبنى يجمع في هيئته بين المعبد والجامع والمسكن ... دخلته مطمئنا إلى دعوة لا أدري متى ولا كيف تلقيتها. وقطعت دهليزا بلغ بي بابا مقبب الهامة فدفعته ودخلت، لم أر من المكان إلا الرجل الجالس في صدره ... رجل بالغ الكبر، ولكنه على كبره واضح الصحة والعافية، بارز الملامح، ذو وجه عريق مجلل بالوقار واللحية البيضاء، ينفث عطرا يذكر بالعصور الخالية، لثمت يده، وقلت معتذرا: جئت تلبية للدعوة.
فقال بصوت عميق التأثير في النفس: تأخرت قليلا، ولكن لا بأس ...
وأشار إلي فتربعت على شلتة بين يديه، وأنا أسائل نفسي عما وراء دعوته، ولكنه لم ينبس بكلمة، وسرعان ما وجدت عيني تنجذبان إلى عينيه حتى خيل إلي أنني أنظر إلى بلورتين متوهجتين. اختفى العالم والوجود، ثم عدت إلى وعيي على لمسة من يده وسمعته، يقول: يا له من حديث! ويا لها من مناجاة!
فهممت أن أقول إنني لا أذكر شيئا، ولكنه بادرني بنبرة توديع حاسمة: اذهب مصحوبا بالسلامة.
رجعت من الشارع الضيق الطويل، وأنا أشعر بأنني مشدود إليه بأسلاك غير مرئية، وأنني أسيره الأبدي ... وأردت أن أمارس حياتي المألوفة، فقصدت لونا بارك نزهتي المفضلة، ولكن الأسلاك الخفية صدتني عنها، فتحولت عنها، وأنا أقول لنفسي: إني مسير بإرادته!
اقتنعت تماما بأنني أفعل ما يريد لا ما أريد أنا، وأنه يسوقني إلى أشياء وأشياء، وأنني لم أعد أنتفع بعقلي أو ذوقي، وسمعت الناس يتحدثون عما يقع ويتساءلون عن الفاعل المجهول. وها هم يجدون في أثري والحلقة تضيق، ولكنهم لا يتفقون على رأي، فمنهم من يطالب بعنقي ومنهم من يدعو لي بالسلامة! والحق أن الرجل لم يثر في نفسي الكراهية، ولكنني تقت للتحرر من سطوته الشاملة المخيفة، ولا أدري كيف ساقني الحظ إلى مكتب التحقيق فرأيتني أمام المحقق، وهو يقول لي: اعترف فهو خير لك.
فقلت: إني بريء، وما كان بوسعي أن أفعل إلا ما يمليه علي ...
فقال متهكما: الرجل ينكر قصتك المختلقة معه، فأنت أمام القانون عاقل حر.
فهتفت وكأنما أخاطب الرجل: إنك تعرف الحقيقة فأنقذني!
Bog aan la aqoon