كأنما جائل الحباب به ... يلعب في حافتيه بالنرد
تراه يزهي إذ يحل به القادر زهو الكعاب بالعقد وقال يصف فرسا للظافر عبد الرحمن ابن ذي النون: " الطويل "
وأدهم من آل الو جيه ولاحق ... له الليل لون، والصباح حجول
تحير ماء الحسن فوق أديمة ... فلولا التهاب الخصر ظل يسيل
كأن هلال الفطر، لاح بوجهه ... فأعيننا شوقا إليه تميل
كأن الرياح العاصفات تقله ... إذا ابتل منه محزم وتليل
وله في وصف طول الليل: " الطويل "
ترى ليلنا شابت نواصيه كبرة ... كما شبت أم في الجو روض بهار
كأن الليالي السبع في الأفق جمعت ... ولا فضل فيما بينها لنهار
وقال يرثى الوزير الأجل أبا عبد الملك بن عبد العزيز " " الطويل "
فؤادي قريح قد جفاه اصطباره ... ودمعي أبت إلا انسكابا غزاره
يسر الفتى بالعيش وهو مبيده ... ويغتر بالدنيا وما هي داره
وفي عبر الأيام للمرء واعظ ... إذا صح فيها فكره واعتباره
فلا تحسبن يا غافل الدهر صامتا ... فأفصح شيء ليله ونهاره
أصخ لمناجاة الزمان فانه ... سغنيك عن جهر المقال سراره
أدار على الماضين كأسا فكلهم ... أبيحت مغانيه وأقوت دياره
وغالت أبا عبد المليك صروفه ... وقد كان دهرا لا يباح ذماره
فأصبح مجفوا وقد كان واصلا ... وأمسى قصيا وهو دان مزاره
ولم أنس إذ أودى الحمام بنفسه ... فلم يبق إلا فعله وادكاره
خوى المجد من مروان وانهد طوده ... وجد بجد المكرمات عثاره
وما خلت أن الصبح يشرق بعده ... لعين وأن الروض يبقى اخضراره
فيا طود عز زلزل الأرض هذه ... وبدر علا راع الأنام انكداره
هنيئا للحد ضم شلوك أن غدا ... عميد الندى والمجد فيه قراره
ولم أر دار قط، أصدافه القرى ... زي بدر تم في التراب مغاره
وله في الغزل: " الطويل "
أيا قمرًا في وجنتيه نعيم ... وبين ضلوعي من هواه جحيم
إلى كم أقاسي منك روعا وقسوة ... وصرما وسقما أن ذا لعظيم
وإني لأنهى النفس عنك تجلدا ... وأزعم أني بالسلو زعيم
فان خطرت بالقلب ذكراك خطرة ... ظللت بلا لب إليك أهيم
ومما أغرب به وأبدع قطعة تنفك منها ست قطع وهي: " الكامل "
نفسي الفداء لجؤذر حلو اللمى ... مستحسن بصدوده أضناني
في فيه سمطا جوهر يروى الظما ... نوعلني ببروده أحياني
ثم زاد في غرابة هذا المنزع بأن صنع قطعة تنفك منها تسع قطع وهي: " الكامل "
طيف سرى من خاطر القلب الذوى ... فوفي لنا بعداته وقضى الوطر
بذ الكرى عن ناظر الصب الجوى ... وشفى الضني بهباته ومضى حذر
وقال يشكو بعض إخوانه: " الطويل "
أبا حسن أنب بودك معصم ... فهل أنت يوما من جفائك عاصمي
جعلتك في نفسي وقلبي محكما ... لترضى فقد أصبحت أجور حاكم
أتظلمني ودي، وما زال فيكم ... قريع على يرجي لرد المظالم
وقال يخاطب مكة أعزها الله: " الطويل "
أمكة تفديك النفوس الكرائم ... ولا برحت تنهل فيك الغمائم
وكفت اكف السؤ عنك وبلغت ... مناها قلوب كي تراك حوائم
فانك رفعت منك القواعد بالتقى ... وشادتك أيد برة ومعاصم
وساويت في الفضل المقام كلا كما ... تنال به الزلقي وتحمى المآثم
ومن أين تعدوك الفضائل كلها ... وفيك مقامان الهدى والمعالم
ومبعث من ساد الورى وحوى العلا ... بمولده عبد الإله وهاشم
نبي حوى فضل النبيين، واغتدى ... لهم أولا في فضله وهو خاتم
وفيك يمين الله يلثمها الورى ... كما يلثم اليمنى من الملك لاثم
1 / 31