وروى عن أبيه، وأكثر عنه الرواية، وندبه أبوه صغيرًا إلى طلب العلم والسماع من الشيوخ الجلة فحصل له سماع عال، أدرك به درجة أبيه، حتى قال فيه الذهبي: " وانتهى إليه علو الأستاذ بقطرة ".
وكان قد هاجر من قرطبة إلى سرقطة، بعيد انبعاث الفتن، وافتراق الجماعة، وتقلد أحكام القضاء بمدينة طليطلة، ثم بدانية. وروى الناس عنه وأخذوا منه في كل مكان سكنه، وفي كل مدينة وردها. وكان قد كتب بخطه مختصر العين لأبي بكر الزبيدي في أربعين يومًا، وهو بمدينة المرية.
" وكان أحسن الناس خلقًا، وأوطأهم كفا، وأطلعهم برا وبشرا. وأبدرهم إلى قضاء حوائج إخوانه " وتوفي بأشبيلية سنة ٤٦٧ هـ، وكان مولده ٣٠٨ هـ.
وأغلب الظن أن الوقشي تلمذ لديه وأخذ عنه وهو على قضاء طليطلة وذلك في نحو ٤٣٨ هـ.
أبو عمر الطلمنكي
أحمد ببن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى بن يحيى بن محمد بن قزلمان المعافري المقري الطلمنكي. من كبار شيوخ الأندلس وعلمائها الفضلاء الأعيان، وكان مرجعًا لطلاب القرآن والحديث وعلومهما، وكانت له مكانة كبيرة في نفوس المسلمين الأندلسيين.
وعدد تلاميذه يزيد على الآلاف على ما ذكره الضبي وابن بشكوال وابن الأبار والمراكشي في الذيل والتكملة ولا نعرف أحدا بين علماء الأندلس من يباريه في كثرة التلاميذ والطلاب.
وكان قد أتم معظم دراساته في قرطبة عند علمائها الأعلام من أمثال أبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي بكر الزبيدي صاحب " مختصر العين " وغيرهما. ثم رحل إلى المشرق طالبًا، حاجًا، فأخذ عن علماء الحرمين، ومصر، وأفريقية، منهم أبو الحسن يحيى بن الحسين المطلبي وأبو القاسم الجوهرى.
وأنصرف إلى الأندلس بعلم كثير، وسكن قرطبة، وجلس للإقراء والإسماع بها، والتزم الإمامة بمسجدها، فأسرع إليه الطلاب من كل ناحية وصوب، وكان الناس يرجعون إليه في أمور الذين، ويقلدونه في المسائل الفقهية. وله جولة إلى ثغور الأندلس، انتفع الناس من خلالها من علمه. ثم قصد طلمنكة، مسقط رأسه في آخر عمره، فتوفى بها سنة ٤٢٩ هـ. وكان مولوده ٣٤٠ هـ.
وله مؤلفات قيمة، وكتب حسان، قد أشار المؤرخون إلى بعضها، ككتاب: " الدليل إلى معرفة الجليل " مائة جزء و" تفسير القرآن " نحو هذا و" الوصول إلى معرفةالأصول " و" البيان في إعراب القرآن " و" فضائل مالك " و" رجال الموطأ " و" الرد على أبي ميسرة " و" رسالة في أصول الديانات إلى أهل أشبونة " وكتاب: " الروضة في القراءات ".
وللمؤرخين ثناء عليه، فيقول الذهبي: " وكان خبيرًا في علوم القرآن، وتفسيره، وقراءاته، وإعرابه، وأحكامه، ومعانيه، وكان ثقة، وصاحب سنة واتباع، ومعرفة بأصول الديانة ".
ويقول فيه اين بشكوال: " وكان أحد الئمة في علم القرآن العظيم، قراءاته، وإعرابه، وإحكامه، وناسخه، ومنسوخه، ومعانيه، وجمع كتبًا حسانًا كثيرة النفع على مذاهب أهل السنة، ظهر فيها علمه، واستبيان فيها فهمه، وكانت له عناية كاملة بالحديث ونقله، وروايته، وضبطه، ومعرفة رجاله، وحملته، حافظًا للسنن، جامعًا لها، إمامًا فيها، عارفًا بأصول الديانات، مظهر للكرامات، قديم الطلب لمعلم، مقدمًا في المعرفة والفهم. على هدى وسنة واستقامة، وكان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله تعالى " وقد اعترف الضبي بعمله وفضله قائلًا: " وكان إمامًا في القرأة مذكورًا، وثقة في الرواية مشهورًا ".
ونرجع أن سماع الوقشي عنه كان نحو ٤٢٠ هـ. بقرطبة، أي قبل جولته في ثغور الأندلس ثم رجوعه إلى طلمنكة ووفاته بها، والله أعلم بالصواب.
٣ - أبو عمرو ابن الضابط السفاقى ٤٤٠ هـ
هو عثمان بن أبي بكر بن محمد بن أحمد الصدفى، المعروف بابن الضابط السفاقسى. من العلماء الغرباء الراحلين الذين وردوا الأندلس الوافدين من الشرق، وهو أستاذ الحميدي وشيخه.
1 / 19