أي فالواجب من حيث وصفه بالوجوب، هو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
فالثواب على الفعل والعقاب على الترك أمر لازم للواجب من حيث وصفه بالوجوب، وليس هو حقيقة الواجب، فإن الصلاة مثلا أمر معقول متصور في نفسه، وهو غير حصول الثواب بفعلها والعقاب بتركها.
فالتعريف المذكور ليس تعريفا بحقيقة الواجب إذ لا يمكن تعريف حقيقته لكثرة أصناف الواجبات واختلاف حقائقها، وإنما المقصود بيان الوصف الذي اشتركت فيه حتى صح صدق اسم الواجب عليها، وذلك هو ما ذكره من الثواب على الفعل والعقاب على الترك.
وكذلك يقال في بقية الأحكام.
فإن قيل: قوله يعاقب على تركه يقتضى لزوم العقاب لكل من ترك واجبا، وليس ذلك بلازم.
فالجواب أنه يكفي في صدق العقاب على الترك وجوده لواحد من العصاة، مع العفو عن غيره.
أو يقال: المراد بقوله (ويعاقب على تركه)، أي ترتب العقاب على تركه، كما عبر بذلك غير واحد، وذلك لا ينافي العفو عنه.
وأورد على التعريف المذكور أنه غير مانع، لدخول كثير من السنن فيه، فإن الأذان سنة وإذا تركه أهل بلد قوتلوا، وكفي بذلك عقابا، وكذلك صلاة العيدين عند من يقول بذلك، ومن ترك الوتر ردت شهادته ونحو ذلك.
وأجيب بأن المراد عقاب الآخرة، وبأن العقوبة المذكورة ليست على نفس الترك بل على لازمه، وهو الانحلال من الدين، وهو حرام، ورد الشهادة ليس عقابا، وإنما هو عدم أهلية لرتبة شرعية شرطها كمالات تجتمع من أفعال وترك، فدخل فيها الواجب وغيره.
Bogga 12