تقديم بقلم المفكر الإسلامي / زيد بن علي الوزير
كان توفيقا من الله سبحانه أن يستهل العلامة الكبير "محمد يحيى عزان" سلسلة كتاب المسار الأول بكتابه القيم "حديث الإفتراق تحت المجهر" ليفتتح به سلسلة من الكتب يحاول مركز التراث والبحوث من خلالها معالجة القضايا الغائمة والمعقدة، ومن ثم العائقة. والحق أن كتابه ذلك كان مجابهة علمية رصينة للمألوف الذي تقدس بفعل الانحرافات السياسية، والذي استعصم بفعل التراكم الطويل بالقلاع المحصنة والجيدة التحصين، لكن المؤلف وهو يمتلك أدواة البحث اللازمة تمكن بإسلوبه العلمي الهادى والرصين أن يفعل في الأسوار المحصنة ما لا تفعله القذائف الموجهة، إذ فتح بطريقته الهادفة فيها منافذ للضوء النقي، تمكن الباحث من النظر في الأعماق الغائرة.
واليوم يطالعنا بكتاب "قرشية الخلافة: تشريع ديني أم رؤية سياسية" وهو موضوع لا يقل صعوبة ولا عسرا من الأول، ولكن- وقد نذر نفسه لمجابهة الخطأ- لابد أن يمضي في طريقه لأن المسير والمصير عهد وتعهد يقضيان بالتفتيش عن العوائق الرئيسة لمعرفتها على حقيقتها بغية الوصول إلى مستقبل رشيد. وإنه ليعلم أن ما يسعى إليه ويحاول بلوغه هو الصدام مع من يقف وهم الأكثرية وراء فهم تدين خطاء، وتقدس غلطا، وأنه ليعلم علم اليقين أن تعرضه للمنحرفات المقدسة سوف يفسر وعلى مستوى واسع أن جهاده ضرب من التعرض للمقدسات الدينية الحقيقية نفسها، ولكن عقل الباحث وضمير المؤمن فيه تغلبا على رهبة الإقدام. لم يسمح له عقله أن يرضى عن إيقاع الزمن السائد، وهو لايكلفه سوى أن يلجم لسانه، لكنه وهو من الذين يرفضون لجام النار مضى يعزف وسط الجوقة الهائلة والكبول المثارة صوتا نقيا سوف تصل تراتيله إلى العقول رقيقة هادئة، مظللة بسلام اليقين المطمئن.تقديم بقلم المفكر الإسلامي / زيد بن علي الوزير ¶ كان توفيقا من الله سبحانه أن يستهل العلامة الكبير "محمد يحيى عزان" سلسلة كتاب المسار الأول بكتابه القيم "حديث الإفتراق تحت المجهر" ليفتتح به سلسلة من الكتب يحاول مركز التراث والبحوث من خلالها معالجة القضايا الغائمة والمعقدة، ومن ثم العائقة. والحق أن كتابه ذلك كان مجابهة علمية رصينة للمألوف الذي تقدس بفعل الانحرافات السياسية، والذي استعصم بفعل التراكم الطويل بالقلاع المحصنة والجيدة التحصين، لكن المؤلف وهو يمتلك أدواة البحث اللازمة تمكن بإسلوبه العلمي الهادى والرصين أن يفعل في الأسوار المحصنة ما لا تفعله القذائف الموجهة، إذ فتح بطريقته الهادفة فيها منافذ للضوء النقي، تمكن الباحث من النظر في الأعماق الغائرة. ¶ واليوم يطالعنا بكتاب "قرشية الخلافة: تشريع ديني أم رؤية سياسية" وهو موضوع لا يقل صعوبة ولا عسرا من الأول، ولكن- وقد نذر نفسه لمجابهة الخطأ- لابد أن يمضي في طريقه لأن المسير والمصير عهد وتعهد يقضيان بالتفتيش عن العوائق الرئيسة لمعرفتها على حقيقتها بغية الوصول إلى مستقبل رشيد. وإنه ليعلم أن ما يسعى إليه ويحاول بلوغه هو الصدام مع من يقف وهم الأكثرية وراء فهم تدين خطاء، وتقدس غلطا، وأنه ليعلم علم اليقين أن تعرضه للمنحرفات المقدسة سوف يفسر وعلى مستوى واسع أن جهاده ضرب من التعرض للمقدسات الدينية الحقيقية نفسها، ولكن عقل الباحث وضمير المؤمن فيه تغلبا على رهبة الإقدام. لم يسمح له عقله أن يرضى عن إيقاع الزمن السائد، وهو لايكلفه سوى أن يلجم لسانه، لكنه وهو من الذين يرفضون لجام النار مضى يعزف وسط الجوقة الهائلة والكبول المثارة صوتا نقيا سوف تصل تراتيله إلى العقول رقيقة هادئة، مظللة بسلام اليقين المطمئن.
السياسية؟ هذه القرشية التي نحرت الخلافة الراشدة باسمها، وأجهضت الحقوق السياسية على مذبحها، وسحقت الإرادة الجماعية تحت عقبها. لقد أصبحت القرشية دينا عنصريا، بعد أن أنتهى ألق خلافة الأمة في ربوع صفين، ووضع التاج على مفرق دمشق، وانطوت العمامة من على منابر المدينة والكوفة.
لم تعد القرشية في التراث الإسلامي موضوعا سياسيا فقط، بل أصبحت منذ الإنقلاب الأموي دينا شرعيا عند الحاكم والمعارض على السواء، حتى غدا التعرض لها نقضا خروجا على الدين، والإقدام عليها تثبيتا دخولا فيه، ومن هنا يعتبر الإقدام على بحث القرشية بحثا محالفا للمألوف مغامرة حقيقية تعرض صاحبها إلى بلاء شديد، خاصة إذا عراها من أرديتها المصطنعة. ذلك أنه منذ سقوط خلافة الأمة أصبحت القرشية هي لب النظرية السياسية، وأصبحت من اليقين حتى عند غير القرشيين من المسلمات التي لا تقبل نقضا. وأمام نتائج الأمر الواقع وجد مشرعوا السلطة أنفسهم بصدد مأزق محرج لم يجدوا منه مخرجا سوى التسليم عندما وجدوا أنفسهم أمام حكام أقوياء وأغنياء من غير القرشيين بشرعية التغلب حتى لا يهتكوا للقرشية سترا، فانتهكوا بذلك التشريع الفضيع ما هو أهم من ستر القرشية هتك خلافة الأمة نفسها، لقد أدت شرعية التغلب إلى نسف الانتخاب والتبادل السلمي للسلطة تماما.
Bogga 2