أخيل يبكي بتروكلوس
قتل بتروكلوس!
وانقلب هذا النصر المؤزر إلى ذهول استولى على أفئدة الميرميدون، صيرته الصدمة الهائلة أشبه شيء بالهزيمة المؤكدة!
وبينما كانت أبصارهم زائغة تنظر إلى ما حل بمولاهم، وبينما كانوا ينظرون إلى أشباح المنايا ترف فوق الساحة، وتدوم على رءوسهم تكاد تخطفهم، كان هكتور وملؤه ينزعون عدة أخيل، دون أن يلقوا أقل معارضة!
ثم أفاق الميرميدون على صيحة من منلوس العظيم الذي اقتحم الحلبة نحو زعيمهم قدما، وناضل وحده عن الجثمان العزيز الذي كان هكتور يمني نفسه بحمله إلى طروادة ليجعله معرضا هنالك، يشهد له بالشجاعة المغتصبة والجراءة المزورة، والبطولة التي لم يكن لها بأهل، ثم ينبذه بعدها بالعراء، فتنوشه الطير وتغتذي بلحمه المر سباع طروادة وكلابها!
وانقض الميرميدون يذودون عن الجثة مع منلوس، ولكنه انقضاض المهموم المحزون، وهجمة المرزأ المكدود؛ فلم تكن ضرباتهم الواهية تخيف الطرواديين بعد إذ أنقذوا من بتروكلوس الداهية، ولم تكن صيحاتهم الوانية تهز بضعة من قلوب أعدائهم الذين أصبحت لهم الكرة عليهم.
واستطاع منلوس بعد لأي شديد وجهد أن يحمل الجثة يساعده مريونيس الكبير، وأن يقتحما بها المعترك المصطخب إلى الصفوف الخلفية، يحمي ظهورهما أجاكس وجنوده.
وذعر قادة الهيلانيين حين رأوا شدة هجمات الطرواديين بعد مقتل بتروكلوس، وحين نظروا فوجدوا الميرميدون يشتغلون عن المعركة بالبكاء على مولاهم، والرثاء لما حل بهم بعده، والفزع الأكبر للقاء أخيل، لا يتقدمهم إليه قائدهم، ولجأ منلوس إلى الحيلة، وفكر من فوره في إثارة النخوة في قلب أخيل عسى أن يقدم فيقود أجناده، ويتم النصر للهيلانيين، فأرسل إليه أنتيلوخوس يجمل النبأ العظيم، ويزلزل من تحته الأرض حين يقص عليه ما لغط به هكتور.
ولو قد علم أنتيلوخوس ما يثيره هذا النعي في قلب أخيل، ما آثر أن ينفذ إليه به! فلقد صرخ ابن ذيتيس صرخة اضطرب لها البحر، وماد الشاطئ، وتجاوبت لها جنبات الجبال، ثم بكى فاربد أديم السماء واعتكر، واحتلك الضحى وبسر، وشاعت في العالم ظلمة أهول من ظلمة القبور! «بتروكلوس ...!»
أفي الحق يا أعز الأصدقاء أنك أوديت! وا حربا! أإذا لقيتك الآن فأنت ما تحرك شفتيك لتكلمني، وما تفتح عينيك لترى إلى أخيل؟! ألا ينبض قلبك بعد اليوم يا بتروكلوس، حتى ولا بحبي؟!
Bog aan la aqoon