Sheekada Nolosha
قصة حياة
Noocyada
والطريف بعد ذلك أنه صار صديقى فقال لى يوما إن هذا البيت غير مأمون لأنه «منطة» وأن الأولى أن أتخذ حارسا، ولولا أنه مشغول بكسب رزقه لتولى الحراسة الواجبة. ولكنه سيجىء برجل أمين يقظ، يؤدى هذا الواجب.
وبعد بضعة أيام جاءنى بفقيه أعمى وقال هذا حارسك، فلم أر أن أرده، فكان يبيت كل ليلة عندى على الشرفة، وإلى جانبه نبوته. وكان خفيف النوم فكل شىء يوقظه، وإذا استيقظ ضرب الأرض بنبوته وصاح «من القادم»؟ فأستيقظ أنا أيضا! فلم أجد لى فى هذه الحراسة راحة فحولته إلى المقبرة، وقلت له اقرأ على هذا القبر كل يوم ما تيسر من القرآن الكريم.
وانتقلت إلى بيت آخر آمن وأقل حاجة إلى هذه الحراسة.
الفصل الثالث عشر
منذ مئات من السنين، أو الحقب فما أبعد هذا الماضى فيما أحس، وما أقربه أيضا! قرأت قصة هيبسيا لشالز كنجزلى ، وكان صديقى العقاد هو الذى دفع بها إلى وأوصانى، وأنا أقرأها، أن أحضر إلى ذهنى قصة تاييس لأناتول فرانس ففعلت، ورأيت - كما رأى - أن من الممكن أن يقول المرء أن القصة الانجليزية هى التى أوحت إلى الأديب الفرنسى بموضوع تاييس، وأنا أفضل القصة الانجليزية، وإن كان أناتول فرانس أبرع فنا وأسحر أسلوبا، على أن هذا موضوع آخر، وكل ما أريد أن أقوله أن في هيبسيا - على ما أذكر - رجلا عجيب الأطوار غريب الفلسفة، يكون في زورق أو سفينة - فما أدرى الآن - فيروح يتفلسف في ضعف دلالة الحس على وجود المحسوس، حتى ينتهى إلى إمكان القول بأنه هو غير موجود على الرغم من إحساسه بنفسه، وشعوره بوجوده.
وقد راقنى هذا الرجل يومئذ وأعجبتنى فلسفته، وإن كانت تؤول إلى لا شىء، وبعد كل هذه السنين لا يزال منطقه يدور فى نفسى، ومع ذلك لا أستطيع أن أتذكر اسمه، أو ماذا هو فى الرواية، وكنت فى صباى - أى نعم فى صباى - أحببت فتاة كانت جارة لى، وكانت فى مثل سنى ومن أجلها كففت عن اللعب فى الحارة مع الغلمان ومن أجلها كنت أسقط من سطح بيتنا على سطح بيتها لأنعم بحديثها وأتملى بالنظر إلى حسن وجهها، فقد كان أهلى يزجروننى عن لقائها وأهلها لا يرضون عن حبنا الصبيانى، وهؤلاء وأولئك جميعا يخشون العاقبة ولا يطمئنون إلى النهاية. وكنت لا أكتم حبي لها، بل أشعر به وأنا جذل مسرور وأحدث به غلمان الحارة؛ فيستغربون، وخادمنا فيدعو لى بطول العمر والسعادة، والشيوخ الوقورين من أصدقاء أخى الأكبر فيضحكون، ويتسلون، ويربتون على كتفي ويقولون: «عال عال، ما شاء الله ما شاء الله».
وكنت أقول لأمى حين تنهرنى عن هذا الذى كان فى رأيها عبثا: «ماذا يضير أحدا أن أحبها».
فتقول: «اختشى يا ولد عيب»!
فأتعجب وأسألها: «عيب؟ أى عيب فى حبى لها؟ إنى لا أصنع شيئا سوى أنى أحبها».
فتقول: «هذا هو العيب».
Bog aan la aqoon