إذن فلا يصلح مثله في نظرهم أن يبقى حاكما على الناس، إذن يجب أن يعزل نفسه أو يعزل بالقوة، لأن هؤلاء الطلقاء والمستفيدين أصبحوا يحتمون بعثمان وكرمه وسماحته ويستغلون مكانته ومنصبه وحبه للإحسان إلى قرابته وو000
وكانت قاصمة الظهر هي تلك الرسالة التي كتبها مروان بن الحكم -على الصحيح- إلى والي مصر يأمره بقتل الثوار الذين خرجوا إلى عثمان وعلى رأسهم محمد بن أبي بكر الصديق وعبد الرحمن بن عديس البلوي -وهو من الصحابة- وغيرهم.
فرجع هؤلاء الثوار وهم أشد عزما على أن يعزل عثمان نفسه وإلا عزل بالقوة لأنه أصبح لا يستطيع أن يدير الأمور بنفسه ، بل يديرها مروان بن الحكم وأمثاله من أهل الريب فطلبوا تسليم مروان لأن القرائن عندهم قامت على تهمته، بينما عثمان لم يكن يرى أن يسلمهم مروان لأنهم سيقتلونه لا محالة، وخطأ مروان ليس حكمه القتل فهو متأول ظنهم مفسدين في الأرض فافتأت على عثمان وكتب ذلك الكتاب المشئوم.
وبدأ الصراع الفعلي إذ تطور إلى السلاح ولما رأى علي أن الأمر قد تفاقم إلى هذا الحد وأن التيارين -وخاصة العثمانية- لا يلتزمان بالاتفاقات السابقة فإن من الأفضل له الاعتزال، فاعتزل في بيته معترفا بعجزه عن إصلاح الأمر لأن كل طائفة تتهمه بالميل مع الطرف الآخر فمن كانت حاله هكذا فاعتزاله أولى فهو لا يستطيع أن يعد الثوار بشيء ثم لا يفي به ولا يستطيع أن يؤثر على عثمان حتى يغير -عثمان- بعض السياسات والأمور التي يمارسها تيار العثمانية من داخل قصر عثمان ومن خارجه ذلك التيار الذي بدأ وكأنه يتصرف نيابة عن الخليفة.
وكان عثمان إلى هذا الوقت يثق في قرابته ولا يظن ما يبلغه عنهم صحيحا ويتأول للمخطئ منهم.
Bogga 72