بل تبين أن معظم الأنصار كانوا يميلون مع علي أكثر من ميلهم مع أبي بكر رضي الله عنهما لكن السبب في بيعتهم أبا بكر وتركهم عليا أن عليا لم يكن موجودا في السقيفة أثناء المجادلة والمناظرة مع الأنصار، وربما لو كان موجودا لتم له الأمر لأن بعض الأنصار لما رأوا أن الأمر سينصرف عن سعد بن عبادة هتفوا باسم علي في السقيفة والأنصار كانوا أغلبية في المدينة لكن عليا كان مشغولا بجهاز النبي (صلى الله عليه وسلم) من غسله وتكفينه والإقامة على إتمام ذلك، فهو إما أنه لم يعلم بهذا الإجتماع المفاجئ في السقيفة أو أنه يرى أنه ليس من المناسب أن يترك الجسد الشريف ويذهب إلى السقيفة يتنازع مع الناس في أحقيته بخلافة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فآثر البقاء مع الجسد الشريف غسلا وتكفينا مع الصلاة عليه ثم دفنه (صلى الله عليه وسلم) وهذا استغرق يومين من موته (صلى الله عليه وسلم).
وكانت البيعة العامة لأبي بكر قد تمت قبل دفن النبي (صلى الله عليه وسلم) وهذا كان له أثر نفسي على علي بن أبي طالب ومن معه من أهل البيت كفاطمة الزهراء ومن معه من المهاجرين والأنصار فقد كان هؤلاء يرون أن أصحاب السقيفة لم يراعوا مكانتهم وقطعوا الأمور دون مشورتهم، وكانوا يفضلون أن يتأنى الناس حتى يتم دفن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم يتشاور الناس ويولون من يرونه أهلا للخلافة أما أن يتم الأمر في وسط النزاع المحتدم بين المهاجرين والأنصار، ثم بين الأوس والخزرج من الأنصار، فهذا يضعف -عندهم- شرعية البيعة ويجعلها أشبه ما تكون بالقهر والغلبة التي تتنافى مع الشورى المأمور بها شرعا (وأمرهم شورى بينهم).
Bogga 50